|
||||||
Updated: الاحد, تشرين الأول 26, 2008 09:52 ص | ||||||
فهرس العدد |
دمشق في أزهى عصورها دمشق في صدر الإسلام ـــ د.نجدة خماش(*) تضافر الموقع الجغرافي والتاريخ والأسطورة، لتجعل من دمشق مدينة عظيمة متميزة، فقد اجتذبت الإنسان إليها منذ أقدم العصور، لأنه وجد فيها أرضاً صالحة للاستثمار، وماء غزيراً للري، وجبلاً يحميه إذا داهمه الخطر. ولم تلبث دمشق مع مرور الزمن أن أصبحت نقطة يلتقي عندها الجيران، فالشعوب التي كانت تقطن شمالي دمشق أو شرقيها أو جنوبيها، وجدت نفسها منذ فجر التاريخ تسير على هذه الدروب المؤدية إليها لتبيع منتوجاتها ولتبتاع حاجاتها. لفت هذا الموقع الهام نظر الآراميين الذين أسسوا في دمشق في الألف الأول قبل الميلاد أعظم وأهم ممالكهم، وكان قلب المدينة الآرامية هو التل الذي يتوسط مدينة دمشق القديمة حيث كان يقوم الهيكل والقصر، تحيط بهما الأسواق ومناطق السكن. وبما أن الآراميين غدوا سادة التجارة الشرقية، فقد نمت دمشق وازدهرت في عهدهم، وأصبحت تقارن بصور وصيدا سوقي أبناء عمومتهم الفينيقيين، وبلغت دمشق درجة من القوة، يسرت لها أن تترأس حلفاً مكوناً من الممالك الآرامية المجاورة، لمقاومة الهجمات الآشورية، ولكن الآشوريين تمكنوا أخيراً من الانقضاض على أعدائهم، وسقطت دمشق سنة 732 ق.م بعد مقاومة استمرت ما يزيد عن السنتين، واغتنم تيغلات بيلاسر الثالث، فرصة حصار دمشق، فنهب المدن والقرى المجاورة لها، وقطع أشجار الغوطة، فكان كالعاصفة الهوجاء التي تدمر كل شيء في طريقها، كما وصف نفسه في الكتابات التي تركها([1]). لم تفقد دمشق أهميتها باعتبارها نقطة لالتقاء الطرق التجارية، ولكنها لم تعد عاصمة لدولة، بل مركزاً لولاية، وهي المكانة التي استمرت أيام الآشورييين، والكلدانيين والفرس والسلوقيين والرومان والبيزنطيين، وإن كان الرومان قد عرفوا لدمشق أهميتها أكثر من أولئك الذين سبقوهم، فوسعوا رقعتها، وجعلوها جزءاً من خط الدفاع الشرقي. ومن المعلوم أن الرومان قاموا بتطوير الطرق في أنحاء بلاد الشام كافة، وبنوا فيها طرقاً جديدة، وكانت شبكة الطرق الرومانية كثيفة فيها تربط بين جميع المدن والمواقع الداخلية والساحلية والصحراوية، ومن أبرز الطرق الرومانية الطريق الذي يخترق الشام من الشمال إلى دمشق ثم إلى بصرى ودرعا، حيث تخرج فروع من دمشق إلى البحر المتوسط وقد بني ديوقليسيان (Dioclecian) (284-305م) طريقاً من بصرى إلى سورا على الفرات عبر دمشق وتدمر، وهو ما عرف بطريق ديوقليسيان الذي كان له هدف عسكري وتجاري في آن واحد([2]). في القرن الخامس الميلادي كانت تجتاز بلاد الشام ثلاث طرق رئيسية، طريق صحراوي عبر شرق الأردن فدمشق، وآخر داخلي عبر فلسطين فدمشق، ثم طريق ساحلي. ولم يكن العرب بمعزل عن تلك الطرق، لأنهم كانوا على اتصال كبير ببلاد الشام تجارياً، ورحلة الشتاء والصيف المعروفة خير دليل على ذلك، وكانت معرفتهم بالطرق المؤدية إلى فلسطين ودمشق وبعض موانئ البحر المتوسط واسعة فأكسبت هذه الصلات تجار مكة معرفة بأحوال الشام قبل الفتح الإسلامي ولذلك نجد أبا بكر حينما وجه قادة الفتح لبلاد الشام وجههم عبر هذه الطرق، فأمر عمرو بن العاص أن يسلك طريق أيلة إلى فلسطين وأمر يزيد بن أبي سفيان أن يسلك طريق تبوك في وجهته نحو دمشق، وكتب إلى شرحبيل ابن حسنه أن يسلك طريق تبوك إلى الأردن([3]). وسلك خالد بن الوليد في طريقه عبر بادية الشام، أثناء سيره من العراق لنجدة القوات الإسلامية في الشام، طريق قرقيسيا، تدمر فالقريتين حتى وصل إلى مشارف دمشق([4]). مع فتح العرب لدمشق وتحريرها من البيزنطيين سنة 14هـ/636م لم تعد دمشق مركزاً لولاية داخلية لا منفذ لها على البحر المتوسط يطلق عليها اسم فينيقيا الثانية أو فينيقيا المقابلة للبنان([5]) (Phoenica-ad Libanon) وإنما قصبة لجند دمشق أهم الأجناد التي انقسمت إليها الشام في خلافة عمر بن الخطاب، ولاسيما بعد أن فصل معاوية بن أبي سفيان قنسرين وكورها عن حمص وجعلها جنداً منفصلاً([6]). وضم جند دمشق من الكور بالإضافة إلى كورة دمشق، كورة البقاع. ومدينتها بعلبك، وكورة حوران ومدينتها بصرى، وكورة الشراة ومدينتها أذرح، وكورة الظاهر ومدينتها عمّان، وكورة الغور ومدينتها أريحا ويجمعها أرض البلقاء، وكورة الجبال ومدينتها عرندل([7]). أما المدن الساحلية التي تبعت جند دمشق فكانت عرقة وجبيل وصيدا وطرابلس وبيروت، وكانت تابعة أو يتصرف بها نواب من يلي جند دمشق أيام بني أمية وصدراً من أيام بني العباس، إلى أن ملك الفاطميون دمشق سنة 358هـ فاعتنوا بالثغور فأفردوها وولوا كل ثغر منها والياً من مصر، ورتبوا معه جنداً لحفظه من عدو يقصده([8]). كانت دمشق عند الفتح مدينة عامرة يحيط بها سور عظيم فيه عدة أبواب([9]). وعند الاستقرار فيها لم يخضع توزيع العرب فيها للمعايير القبلية كما حدث في المدن المستحدثة البصرة والكوفة والفسطاط حيث ارتبطت الخطط بأسماء القبائل التي سكنتها، لقد جاء توزيع السكان في دمشق عند الفتح عشوائياً، لذلك لا نجد تسميات قبلية مثل التي في غيرها من المدن، وإن وجدت فهي قليلة، وهي دروب صغيرة، كدرب الأسديين، ودرب القرشيين، ودرب قصر البحادلة وغيرها([10]). ومما يزيد في صعوبة تتبع خطط دمشق كثرة تغير الأسماء وتبدلها عبر الفترات التاريخية المختلفة، وتعرّض دمشق للزلازل والحرائق والسيول، فكان من الصعب بمكان أن يتمكن المرء من تتبع أسماء المحلات والحارات والدروب، ولقد أشار ابن عساكر إلى هذا الأمرِ بقوله: «ولا سبيل إلى تحقيق أمرها (الدور) لتغير أوضاعها ولكثرة نواحيها وأصقاعها، وينطبق ذلك على محلاتها ودروبها وقياسرها»([11]). ومع ذلك يمكن القول إن المدينة لما فتحت، خلت منازل كثيرة من أهلها بسبب النزوح([12]) أو بسب الوفاة بالحرب، فقسم المسلمون هذه المنازل، وأبقوا التي تمّ الصلح عليها لأهلها فمساكنهم وكنائسهم لم تُسكن ولم تقسَّم([13]). من المرجح أن المدينة لم تجذب إليها أعداداً كبيرة من الفاتحين في بادئ الأمر، لعدم توافر المنازل من جهة، وعدم رغبة العرب المسلمين في الاستقرار فيها، يذكر اليعقوبي أن منازل القبائل كانت في ظاهر البلد لا في داخله، لأنَ ظاهر دمشق أكثر سعة([14]). ويؤكد ذلك النص الذي أورده ابن عساكر([15]). من أنه لمّا أظهر الله المسلمين على بلاد الشام، وصالحوا أهل دمشق، كرهوا أن يقيموا بالبلدان دون أن يتم ظهورهم وإثخانهم في عدو الله، فعسكروا في مرج بردى ما بين المزة إلى مرج شعبان، جنبي بردى، مروجاً كانت مباحة فيما بين أهل دمشق وقراها ليست لأحد منهم، فأقاموا بها حتى أوطأ الله بهم المشركين ذلاً وقهراً، فأحيا كل قوم محلهم وبنوا فيها. فرفع ذلك إلى الخليفة عمر بن الخطاب، فأمضاه لهم، فبنوا الدور ونصبوا الشجر، ثم أمضاه لهم الخليفة عثمان بن عفان كذلك([16]). وكان للغوطة دور في استقطاب عدد كبير من القبائل التي استقرت فيها، لأن فيها منفرجاً لهم ولمواشيهم. وقد أورد ابن عساكر أسماء بعض الصحابة الذين أقاموا بدمشق والأماكن التي سكنوا فيها، فقد سكن أبو الدرداء في باب البريد، وكانت داره هذه هبة من معاوية، عرفت فيما بعد بدار العزّى([17]). وسكن واثلة بن الأسقع في الزلاقة داخل باب الصغير([18]). وسكن فضالة بن عبيد الأنصاري قاضي دمشق بعد أبي الدرداء بدرب الريحاني قبلي «الخضراء» قريباً من سوق القمح، ويذكر ابن سعد أن فضالة ابن عبيد قام ببنائها([19]). وأقام بعض الأنصار في نواحي السوق عند باب توما([20])، وبعضهم الآخر بباب البريد عند سوق القمح فعرفت الدروب التي أقاموا فيها بدرب الأنصار([21]). كان الغالب على أهل دمشق القبائل اليمانية مع قلة من قيس وقريش([22])، بينما نزلت قبائل قيسية ولاسيما بني مُرَّة في الغوطة وحوران والبثنية والظاهر والغور والجولان ووجدت غسان في الغوطة، وكلب في السويداء([23]). ويذكر الهمذاني في كتابه «صفة جزيرة العرب» أن قبائل كلب بقيت طوال العصر الأموي مسيطرة على منطقة البادية، وكانت مساكنها في السماوة ولا يخالط بطونها في السماوة أحد([24]). ويلاحظ على ضوء المعلومات القليلة التي وردت عن الصحابة الذين استوطنوا دمشق أن مناطق باب البريد وباب توما وباب الجابية وباب الفراديس قد جذبت إليها أعداداً أكثر من غيرها من المناطق الأخرى. ويلاحظ بشكل عام أن المناطق الغربية من دمشق كانت أكثر استقطاباً للمسلمين عند الفتح، وهذا يدل على أن سكان المناطق الشرقية قد بقوا في مساكنهم ولا سيما محلتي اليهود والنصارى. كان لخروج عدد كبير من الصحابة الذين شاركوا في الفتح من المهاجرين والأنصار والذي بلغ عددهم حسب ما ورد في كتاب الطبقات 113 صحابياً([25]). دور كبير في إرساء قواعد الدين وتفقيه الناس وتعليمهم دينهم وسننهم، فكانوا أساتذة لمن خلفهم، وقد تفقه معظم أفراد الطبقة الأولى من التابعين في الشام على يد عبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، ومعاذ بن جبل([26])، وكلهم من الأنصار، بالإضافة إلى أخذهم الحديث عن أبي بكر وعمر. فمنذ أن كتب يزيد بن أبي سفيان (ت18هـ) والي جند دمشق إلى عمر بن الخطاب بأن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم بالدين، أرسل عمر معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت، وأبا الدرداء، وطلب منهم أن يبدأوا بحمص، ثم أن يخرج واحد منهم إلى دمشق وآخر إلى فلسطين، فأقام عبادة في حمص، وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين([27]). بالإضافة إلى هؤلاء الصحابة الذين كان يحوطهم المسلمون بكثير من الاحترام والرعاية، كان للصحابة المراتب القيادية في حركة الفتح في الشام، كأبي عبيدة بن الجرّاح، وخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وسعيد بن عامر بن حذيم، وعمير بن سعيد ومعاوية بن أبي سفيان، وقد توفي أبو عبيدة، ويزيد، وشرحبيل في طاعون عمواس سنة 18هـ وتوفي الباقون في أواخر خلافة عمر وأوائل خلافة عثمان بن عفان، أما معاوية بن أبي سفيان الذي كان له دور كبير في فتح عدد من مدن الساحل، فقد استطاع أن يحتل مكانة رفيعة في الشام فهو من أصحاب رسول الله (ص)، كما أنه حصل على ثقة أبي بكر وعمر وعثمان، فولاه عمر جند دمشق والأردن إثر وفاة أخيه([28])، ثم جمع له عثمان الجزيرة والشام كلها([29])، وتمتع معاوية في خلافة عثمان، بصلاحيات واسعة([30])، استطاع أن يستغلها في جعل ولاية الشام وحدة منسجمة تنقاد له([31]). في سنة 41هـ آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان، وغدت الشام الولاية المركزية في العصر الأموي (41-132هـ) ولم تعد دمشق قصبة لجند الشام فقط، وإنما عاصمة لدولة مترامية الأطراف وصلت في خلافة الوليد بن عبد الملك (86-96هـ) إلى المغرب الأقصى والأندلس غرباً وإلى منطقة ما وراء النهر وكشمير على حدود الصين شرقاً، وتدفقت إلى بيوت أموالها فائض أموال الولايات وخمس الغنائم([32]). وبقيت دمشق العاصمة الرسمية للدولة الإسلامية، حتى خلافة مروان بن محمد آخر خلفائها (127-132هـ) الذي نقل بيوت الأموال والخزائن إلى الجزيرة([33]). وقد دفن كل من معاوية ويزيد ومروان بن الحكم. وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك بدمشق([34]). بينما دفن عمر بن عبد العزيز بدير سمعان([35]) بنواحي حلب، ودفن هشام بن عبد الملك بالرصافة([36]). من المؤكد أنّ معاوية أقام في دمشق طوال إمارته وخلافته، ولم يكن يغادرها إلا لأسباب قاهرة، وكذلك فعل عبد الملك بن مروان، أما بقية الخلفاء فيظهر أنهم كانوا يقيمون في أماكن مختلفة، وإن بقيت دمشق هي المركز الذي تتم فيه بيعة الخلفاء وما يتبع ذلك من مراسيم، فهشام بن عبد الملك جاءه البريد بشارتي الخلافة، العصا والخاتم، وهو بالزيتونة، ولكنه لم يلبث أن توجه إلى الرصافة، ثم ركب من الرصافة حتى أتى دمشق، فبويع بها في اليوم الأول من رمضان سنة 105هـ([37]). لمّا آلت الخلافة إلى الأمويين، أخذ العمران يتسع في دمشق لاستقطابها المهاجرين من أنحاء الدولة ولاسيما أهل الحجاز الذين أطلق عليهم اسم الجالية([38]). وكثرت القصور التي شيدها الأمويون في مختلف أنحاء دمشق حتى إن اليعقوبي يذكر أن أكثر منازل دمشق هي للأمويين([39]). وكان رائد الأمويين في العمارة هو معاوية بن أبي سفيان الذي قام ببناء قصر «الخضراء» الذي اتخذه دار إمارة([40])، ويبدو أن تسميته بالخضراء كان نسبة إلى قبته وجدرانه التي طليت باللون الأخضر، واتخذ معاوية داراً عرفت فيما بعد بدار ابن محرز، وهبها معاوية لابنه يزيد وكانت من صداق أم خالد بن يزيد([41]). واشترى عبد الملك الخضراء من خالد بن يزيد بأربعين ألف دينار وأربع ضياع بأربعة أجناد وهي عمواس بفلسطين، وقصر خالد من الأردن، وأندركسيان من دمشق، ودير زكّي من حمص، وقد تحولت الخضراء في العهد العباسي إلى مركز للشرطة وسجن([42]). ويذكر المهلبي (ت380هـ) أن الخضراء دار معاوية «هي الآن مجلس للشرطة ودار للضرب» (أي سك النقود) ([43]). في العهد المرواني (65-132هـ) ازدادت قصور الأمويين ومنازلهم داخل دمشق وخارجها([44]). وتزايد عدد القبائل التي نزلت الشام تزايداً سريعاً، فقد بلغ عدد المسجلين في ديوان العطاء في حمص في خلافة مروان بن الحكم (ت65هـ) من اليمانية فقط 20 ألفاً([45])، وفي ديوان دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك (86-96هـ) 45 ألفاً([46])، وبلغ أهل دمشق من العرب 84 ألفاً سنة 124هـ ومقاتلتهم 50 ألفاً([47]). وترد أسماء دور في دمشق لكبار المتنفذين في الدولة، أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كانت له عدة دور([48])، وروح بن زنباع الجذامي الذي امتدحه عبد الملك بقوله: «إنه شامي الطاعة, عراقي الخط، حجازي الفقه، فارسي الكتابة»([49]). وقبيصة بن ذؤيب الإمام الكبير الفقيه الخزاعي المدني ثم الدمشقي الوزير([50])، وكانت داره بباب البريد, آلت لابنه إسحاق الذي كان متولياً لديوان الزمنى أيام الوليد بن عبد الملك([51]). وخالد بن عبد الله القسري والي العراقين (105-120هـ) في خلافة هشام بن عبد الملك، وإليه ينسب الحمام المقابل لقنطرة سنان بباب توما([52]). وسفيان بن الأبرد الكلبي من كبار قادة بني أمية، كانت له دار في سوق الصياقلة وآخرى بجيرون([53]). وامتد العمران في ظاهر دمشق إلى محلة الراهب، وممن سكن بها «محمد بن مسلم بن شهاب الزهري»([54]) وكان السبب في امتداد العمران خارج دمشق هو ضيق مساحة المدينة المسورة، فتوسعت نحو الشمال الغربي في العقيبة وباب الفراديس وإلى الغرب نحو باب الجابية على طريق القنوات وإلى الجنوب الغربي حيث قصر الحجاج وقصر عاتكة بنت يزيد، وقد اندثرت هذه القصور والدور جميعها التي يرد ذكرها في المصادر، ولم يبق إلا الجامع الأموي الكبير شاهداً على ما حققه الأمويون في المجال العمراني في دمشق. هذا إذا تركنا جانباً المسجد الأقصى وقبة الصخرة في القدس. والقصور التي شيدها الأمويون في البادية والتي لا تزال آثارها قائمة حتى يومنا هذا. غدت دمشق في العصر الأموي مركزاً حضارياً يجتذب الشعراء من العراق والحجاز، يمتدحون خلفاء بني أمية الذين كانوا يحرصون على إكرامهم. خلا عمر بن عبد العزيز الذي كان يفضل إكرام العلماء، ولكن عبد الملك بن مروان (65-86هـ) لم يأذن في بادئ الأمر ولم يسمع من شعراء مضر لأنهم كانوا من أنصار عبد الله بن الزبير، ولم يأذن لجرير إلا بعد تدخل من الحجاج بن يوسف الثقفي الذي أكّد لعبد الملك أنه لم يكن ممن والى ابن الزبير، وأنه لم ينصره بيده ولا لسانه، ومع ذلك بقي عبد الملك مفضلاً للأخطل التغلبي (من قبائل ربيعة) ولعدي بن الرقاع العاملي اليماني([55]). وكانت دمشق أول عاصمة أنشئت فيها دار ترجمة، وكان خالد بن يزيد بن معاوية أول من جمعت له الكتب وجعلها في خزانة في دمشق، ويروى أنه استعان براهب رومي يسمى مريانوس الاسكندري المصري ليعلمه الكيمياء([56])، وذكر الجاحظ أنه أول من ترجمت له كتب النجوم والطب والكيمياء([57]). وفي أخبار عمر بن عبد العزيز أنه أمر ماسرجويه البصري أن يترجم من السريانية إلى العربية كتاباً في الطب للقس أهرن بن أعين([58])، وكان عمر بن عبد العزيز قد وجده في خزائن الكتب فأمر بإخراجه، ووضعه في مصلاه، واستخار الله في إخراجه للمسلمين للانتفاع به، فلما تمَّ له ذلك أربعون صباحاً أخرجه للناس وبثّه بين أيديهم، ويروى أن سالماً مولى هشام بن عبد الملك وكاتبه، ترجم بعض الرسائل لأرسطوطاليس([59]). وفي العصر الأموي، نبغت عائلة «الدمشقي» التي كان مسقط رأس جميع أفرادها مدينة دمشق، وكانت أولى العائلات الرائدة التي اختصت بممارسة المهن الصحية المختلفة كالطب السريري والوقائي وطب العيون والصيدلة، وقد زاول أفرادها هذه المهنة بنجاح كبير مدة دامت حوالي 57 ـ 225هـ / 677 ـ 841م. وكان أبو حكم (أو الحكم) الدمشقي هو جد هذه العائلة، وشهد له المؤرخون بأنه كان عارفاً بالأدوية، وأصناف المعالجات الطبية therapeutics ، عمل طبيباً في خدمة الخليفة معاوية بن أبي سفيان الذي كان يعتمد عليه في تركيب المستحضرات الصيدلانية للمعالجة والشفاء، ومنها أيضاً أدوية قوية وسامة كان واصفاً لها كخبير في معرفة العقاقير وأفعالها وتأثيراتها، وعندما ولّى معاوية ابنه يزيد إمارة الحج إلى مكة المكرمة أرسل معه الطبيب أبا الحكم([60]). ثم التزم بعد ذلك في الخدمة الطبية للخليفة عبد الملك وابنه الوليد (ت96هـ) وأفراد العائلة المالكة، كاسباً ثقتهم في الرعاية الصحية. عُمّر أبو الحكم طويلاً حتى تجاوز المئة ولحق الحكم بأبيه في إتقان المهارات والمعالجات الطبية والممارسة في دمشق، وإن كنا لا نعرف لأي منها آثاراً خطية باقية([61]). أما الحفيد، أبو الحسن عيسى بن مسيح بن الحكم بن أبي الحكم، فكان أكثر أفراد هذه العائلة شهرة، وأغزرهم علماً، ولد في دمشق زمن الخليفة هشام بن عبد الملك حوالي سنة 122هـ/739م وتوفي زمن الخليفة العباسي المعتصم سنة 227 وترك لنا دون سواه آثاراً خطية باقية في أصول العلوم الطبية والمعالجات وقوانينها، وأهمها الرسالة الهارونية نسبة إلى الخليفة هارون الرشيد (170-193هـ) اعترافاً بفضله في إحياء العلوم ولاسيما الطبية منها، أيام عمله طبيباً خاصاً في البلاد ببغداد([62]). وعني أهل الشام بالأنساب وبتاريخ العرب قبل الإسلام، إضافة إلى دراسة السيرة ومغازي رسول الله (ص) والفتوح التي سادت عصر الخلفاء الراشدين، وكان اهتمام أهل دمشق بتلقي العلوم كبيراً جداً حتى قيل إن كل عمود من أعمدة جامع دمشق كان يضم شيخاً، وعنه يكتب الناس العلم([63]). وقد قيل أيضاً: من أراد العلم فلينزل دارياً من عنس وخولان، إذ أن فيها مسجدان واحد لعنس والآخر لخولان «فإذا كان هذا في أهل داريا وهي قرية من قرى دمشق فما ظنك بأهل البلد الكبير الذي حوى الخلق»([64]). وكان لاهتمام خلفاء بني أمية بالتاريخ الفضل في وضع البذور الأولى لكتابة التاريخ العربي في بلاد الشام، وكان الخليفة معاوية أول من اهتم بهذه المعرفة التاريخية وشجعها والتي شملت فروعاً من المعرفة كالأنساب والمغازي والسير، وقد استعان معاوية ببعض العلماء اليمانيين لتحقيق هذه الغاية، أشهرهم عبيد بن شرية الجرهمي (ت70هـ) الذي استدعاه ليروي له الأخبار عن الماضين من العرب وغيرهم، ولاسيما ملوك اليمن وتواريخ حكمهم، فحدثه في مجالس كثيرة عن وقائع العرب وأشعارهم وأخبارهم وأمر معاوية كُتَّابه بتدوين هذه المعارف وتسجيلها ونسبتها إلى عبيد بن شرية خوفاً عليها من الضياع ليحفظ لصاحبها حقه الأدبي، وهذا يدل على وعي مبكر بقدر العلماء ورواة الأخبار([65]). وقد دونت هذه المعلومات تحت عنوان «كتاب الملوك وأخبار الماضين»([66]). وطبع الجزء الموجود منه في حيدر آباد الدكن سنة 1347هـ/1928م. لم يقتصر دور معاوية بن أبي سفيان على استدعاء عبيد بن شرية للاطلاع على المعرفة التاريخية، وتشجيع تدوينها وشيوعها في بلاد الشام، بل اعتمد على مصدر محلي لا يمكن الجزم في تحديد جذوره تماماً، فالمسعودي الذي يصف يوماً كاملأ من أيام الخليفة الأموي معاوية، يذكر أنه كان يجتمع بعد صلاة العشاء بخاصة الخاصة والوزراء والحاشية فيؤامره الوزراء فيما أرادوا وأصدروا من ليلتهم ثم «يستمر إلى ثلث الليل في أخبار العرب وأيامهم والعجم وملوكها وسياستها لرعيتها وسائر ملوك الأمم وحروبها ومكايدها، وغير ذلك من أخبار الأمم السالفة، ثم يدخل فينام ثلث الليل ثم يقوم فيقعد فيحضر الدفاتر فيها سير الملوك وأخبارها، فيقرأ ذلك عليه غلمان له مرتبون وقد وكلوا بحفظها وقراءتها، ثم يخرج فيصلي الصبح»([67]). وشجع خلفاء بني أمية دراسات الأنساب التي خدمت علم التاريخ في المادة وفي خطة الكتابة، إذ أن الحاجات الإدارية كتنظيم العطاء، وإسكان القبائل الأمصار أدَّت إلى وضع سجلات بالأنساب وعززت الاهتمام بها، فظهر النسابون الأولون في العصر الأموي، ومن أشهر النسابين الذي قرَّبهم معاوية، دغفل بن حنظلة البكري (ت65هـ)([68]) الذي ضمه معاوية لتعليم ابنه يزيد([69])، وسار يزيد بن معاوية على خطى والده، فقرَّب علاقة بن كريم الكلابي أحد تلامذة عبيد بن شرية الجرهمي وجعله من سُمّاره، وكان علاقة عالماً بالأنساب والأخبار وأحاديث العرب القديمة، وله كتاب في «الأمثال» رآه محمد بن إسحاق النديم([70]). واشتهر أفراد من قبيلة كلب المعروفة بولائها للأمويين، في علم الأنساب، مثل الأبرش الكلبي الذي كان مصاحباً للخليفة هشام بن عبد الملك وهو أمير، فلما صار خليفة غدا وزيراً له([71]). ويشير الدينوري إلى أن سليمان بن عبد الملك (96-99هـ) ولّى الكلبي تأديب ابنه، ولكنه لم يذكر اسمه الكامل، وربما كان هذا الكلبي هو محمد بن السائب الكلبي (ت146هـ) أو الأبرش الكلبي، وقد ألزم الخليفة سليمان هذا المعلم تعليم ابنه القرآن والفرائض والسنن، إضافة إلى أيام الناس والشعر فإنه ديوان العرب([72]). وأولى خلفاء بني أمية اهتمامهم بالمغازي والسير، وشجعوا على دراستها والتعمق فيها في بلاد الشام، ومن أشهر من تعاون معهم في هذا المجال، عروة بن الزبير بن العوّام (ت94هـ) أحد فقهاء المدينة السبعة، والذي يعد أول من ألّف كتاباً في المغازي([73]). وكان اتصاله بعبد الملك بن مروان وثيقاً، فقد وفد عليه في دمشق أكثر من مرة. وقد درس «هوروفيتش» ما بقى لدى الطبري من الروايات التاريخية المتعلقة بحياة الرسول (ص) والتي رواها عروة بن الزبير، فتبين له أنها من خلال إسنادها، عبارة عن أجوبه على رسائل بعثها عبد الملك بن مروان إلى عروة، فأجابه عليها، واستنتج من ذلك أنها أقدم ملاحظات مدونة بقيت لنا عن حوادث معينة في حياة الرسول (ص) وهي في الوقت نفسه أقدم آثار النثر التاريخي العربي([74]). ومن العلماء الذين استعان بهم الخلفاء الأمويون لنشر الوعي التاريخي في بلاد الشام، وحث الناس على الاهتمام بالسير والمغازي عاصم بن عمر بن قتادة (ت120هـ) الذي وفد على الخليفة عمر بن عبد العزيز، فقضى دينه وأمره أن يجلس في مسجد دمشق ليحدث الناس بالمغازي ومناقب الصحابة([75]) ويبدو أن الدافع الذي شجع الخليفة عمر بن عبد العزيز على الاستفادة من عاصم هو اهتمامه الشديد بسيرة الرسول (ص) ورغبته في أن تشيع دراسة المغازي والسير على أوسع نطاق بين أهل دمشق على يد رجل من الثقات. معروف بعلمه وتبحره في هذا الموضوع فكان لهذه الخطوة أهمية بالغة في تقدّم دراسة المغازي التي هي أحد فروع علم التاريخ في بلاد الشام. ويعد محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت124هـ) من أشهر العلماء الذين بثوا المعرفة التاريخية في بلاد الشام في العصر الأموي. فهو وإن كان من أقطاب مدرسة المدينة المنورة التاريخية، إلا أنه قَدَّم أيضاً خدمة كبيرة لبلاد الشام بتردده عليها وإقامته في دمشق ونشر علمه بين أهلها، حيث أنه وفد على عبد الملك وغدا أثيراً عنده([76])، وعند ولديه الوليد وسليمان وعند عمر بن عبد العزيز الذي أمره بتدوين الحديث، واستقضى يزيد بن عبد الملك الزهري، وكان حظياً عند هشام بن عبد الملك وحَجَّ معه وجعله معلماً لأولاده([77]). لم تقتصر دراسات الزهري على الأحاديث والمغازي بل شملت الأنساب وتاريخ صدر الإسلام، وقد قدَّمت هذه الدراسات أرضية متينة لعلم التاريخ العربي عامة، وفي بلاد الشام بشكل خاص لأنه نشر كتبه بين الجمهور وحث على ذلك، فكان يحذّر من «غلول الكتب» أي حبسها عن قراءتها، وكان يفتخر بنشر العلم، فيقول: «ما صبر أحد على العلم صبري ولا نشره أحد نشري»([78]). ونبغ في دمشق عدد من أهل العلم، منهم رجاء بن حيوة الكندي (ت112هـ) الفقيه العالم الذي كان يجالس عمر بن عبد العزيز، وكان قبل ذلك مستشار سليمان بن عبد الملك ومكحول مولى بني هذيل فقيه الدمشقيين، وأحد أوعية العلم والآثار (ت113هـ) وعبد الله ابن عامر اليحصبي القارئ والمحدث أحد القرّاء السبعة من التابعين من أهل دمشق (ت118هـ) ([79]). وسليمان بن حبيب المحاربي (ت126هـ) قاضي دمشق أربعين سنة([80])، وقد ورد في تاريخ داريا أن سليمان بن حبيب كان قاضي الخلفاء، إذ كان قاضياً لعبد الملك والوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، هذا مع أننا نقرأ عن قضاة آخرين في عهد هؤلاء الخلفاء مما يدفعنا للتساؤل، فيما إذا كان هذا اللقب يعني رتبة رسمية، أم كان هذا الخلع من الناس كدليل على علو كعبه في العلم والقضاء. وأوجد تنظيم الدواوين، وظهور دواوين جديدة في الشام، حاجة ملحة إلى كتاب ذوي اختصاصات ومؤهلات وكفاءات معينة، ومن يقرأ رسالة عبد الحميد([81])، كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية (127-132هـ) يدرك أنّ الكتاب قد أصبح لهم كيان واضح في حياة الدولة الأموية، وإذا قارنا بين ما كتبه عبد الحميد وما كتبه إبراهيم بن محمد الشيباني([82])، (ت298هـ) بعدما يزيد على قرن من الزمان، لما وجدنا فرقاً في هذه التوصيات، كما أنّ ابن خلدون (ت808هـ) يوردها كاملة في مقدمته نموذجاً لما يجب أن يتحلَّى به الكتاب، مما يشير إلى أن طبقة الكتاب كانت قد بلغت في نهاية العصر الأموي مستوى راقياً وأنه توفر للكتاب في هذا العصر من وسائل التثقيف ما ساعدهم على تحقيق هذا المستوى. ازدهرت دمشق اقتصادياً في العصر الأموي فقد شجع الأمويون الزراعة وساعدوا المزارعين بواسطة مشاريع الري التي كانت تساعد على زيادة الإنتاج، وهذا بدوره كان يؤدي إلى رفع مستوى معيشة السكان. ويذكر بليايف في كتابه «العرب والإسلام والخلافة العربية» أنه عندما حرَّر العرب بلاد الشام من البيزنطيين، كانت مساحة الأرض الصالحة للزراعة قد تقلصت كثيراً وتدنّى الإنتاج الزراعي إلى مستوى منخفض بسبب ما أسفرت عنه حروب الروم والفرس من سلب ونهب، ونتيجة للسياسة المالية التي اتبعها الإمبراطور هرقل، يضاف إلى ذلك أنّ وسائل الري من أقنية وترع قد تهدمت بسبب الإهمال، كما انخفض عدد سكان الريف الزراعي كثيراً بسبب نزوح الفلاحين عن ديارهم أو بسبب الوفيات من جرّاء الأوبئة المتعاقبة ـ هذه الأراضي لم تلبث تحت إشراف العرب المسلمين أن استحالت إلى حقول ومروج وحدائق وبساتين وكروم ذات عطاء عظيم([83]). من أهم الأنهار التي حفرت في العصر الأموي، نهر يزيد، حفره يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وكان من قَبْلُ نهراً صغيراً يسقي ضيعتين في الغوطة. فلما أصبح خليفة ورأى تلك الأراضي الواسعة التي ليس فيها ماء أمر بحفر ذلك النهر الصغير وتوسيعَه، ويصف ابن عساكر يزيد بأنه كان مهندساً وأنه احتفر نهراً سعته ستة أشبار في عمق ستة أشبار([84]). وكانت المياه توزع عن طريق الأقنية، وما يسمّى المواصي، كما كانت هناك أنهار عديدة متفرعة من بردى فكان الخليفة يعمد إلى توزيع المياه على هذه الأنهار عندما تقل المياه في بردى، ففي خلافة هشام بن عبد الملك (105-125هـ) شكا أهل بردى قلة الماء، فأمر القاسم بن زياد أن يوزع الماء عليهم، فأعطى نهر يزيد ست عشرة مسكبة، وأعطى الغور الكبير عشر مساكب، والغور الصغير خمس مساكب ونهر داريا ست عشرة مسكبة، وأعطى نهر تورة اثنتين وأربعين مسكبة، وفيه يومئذ أربع عشرة ماصية لتسقي، ليس عليها رحاً... فبلغ عدد الأنهار المتفرعة عن بردى في عهد هشام ما يزيد عن ثلاثة عشر نهراً. ويعلق ابن عساكر على ذلك قائلاً: «فهذه الأنهار التي ينتفع بها الداني والقاصي، وينقسم فيها الماء في الأرضين في الجداول من المواصي، ويدخل من بعدها إلى البلد في القنى فينتفع به الناس الانتفاع العام ويتفرق في البرك والحمامات، ويجري في الشوارع والسقايات فذلك من المرافق الهنية والمواهب الجزيلة السنية»([85]). وكان لحرص معاوية والخلفاء من بعده على أن تسرع إليهم أخبار بلادهم من جميع أطرافها([86]). أن ازدادت العناية بالطرق وعمارتها، لأن استمرارية ورود الأخبار من العاصمة دمشق إلى الأمصار وبالعكس نحتاج إلى طرق جديدة ومأمونة، وهذه الطرق الجيدة كانت تسلكها القوافل التجارية في سيرها والجيوش في تحركاتها، ومن المعروف أن التجارة تحتاج في نشاطها وازدهارها إلى توافر عناصر متعددة أهمها انتشار الأمن، وسهولة الانتقال من مكان إلى آخر دون عوائق، وتوافر الحماية لأموال التجارة من المصادرة وغيرها، إلى جانب وجود أسواق مزدهرة تصرف فيها هذه البضائع، وهذه أمور كانت متوافرة بشكل عام للقوافل المارة ببلاد الشام في العصر الأموي في اتجاهها إلى دمشق التي غدت كذلك القاعدة والمنطلق لقافلة الحج الشامي، إذ إن مكة المكرمة بعد الفتوحات لم تعد محجاً للعرب في جزيرة العرب فقط وإنما محجاً لكل مسلم في أرض إسلامية، ولا منفذ للقادم إلى الحجاز من الشمال، دون المرور ببلاد الشام، وبما أن دمشق أصبحت العاصمة في العصر الأموي، فإن الركب كان يجتمع بها، وتتم الاستعدادات للخروج تحت إمرة الخلفاء أو من ينوب عنهم منها، وهذا كان له دور فعَال في حياة المدينة الاقتصادية، لأن عدد الذين كانوا بحاجة إلى الزاد والمؤن كان كبيراً لا أثناء إقامتهم في دمشق وحسب، بل للتزود للطريق إلى مكة، فالطريق إلى الحجاز طريق صحراوي، والحجاز نفسه كان بلداً فقيراً، فكان من المحتم على الحاج أن يحمل من الزاد ما يحتاجه مسافراً ذهاباً وإياباً، ونظراً للمكانة الكبيرة للحج وارتباطه الوثيق بالدين الإسلامي، فإن طرق الحج لقيت العناية من الخلفاء والمسؤولين والوجهاء والموسرين، فكانوا يحرصون على إنشاء المنازل وإصلاح الطرق، يذكر الطبري أنه عندما قام الخليفة عمر بن الخطاب بأداء العمرة من المدينة إلى مكة، سأله أصحاب المياه أن يسمح لهم بإنشاء المنازل على طول الطريق بين مكة والمدينة، فسمح عمر بذلك على أن يكون ابن السبيل أحق بالظل والماء([87]). وتنافس أغنياء المسلمين في خدمة الطرق ووقف المشاريع الخيرية عليها لتوفير الراحة للمسافرين، ويروي الشافعي بسندِ عن جعفر بن محمد عن أمية أنه كان يشرب من سقايات كان يضعها الناس بين مكة والمدينة([88]). ومن الطبيعي أن يولي خلفاء بني أمية اهتمامهم بطريق الحج الشامي، فهذا الطريق هو طريقهم سواء إلى الحجاز، أم إلى قصورهم ومنتجعاتهم التي أكثروا من إنشائها في بادية الشام وعلى طول طريق الحج الشامي. لم تفصح المصادر المتقدمة عن أخبار القافلة الشامية في العهد الأموي، وتنظيمها وأسلوب تجهيزها وإدارتها وحمايتها وخدمات منازلها من دمشق إلى مكة المكرمة. ولكن المصادر ذكرت حج الخلفاء والأعيان من بني أمية وذكرت الحرص على توجيه الحج في موعده واختيار أميره([89]). ولكن يمكن تصور هذه الواجبات من خلال ما أوردته بعض المصادر المتأخرة، فهذه الواجبات ما هي إلا امتداد لما ابتكره الأمويون، لأن القافلة الشامية نشأت نشأة أموية، وقد جعل الجزيري واجبات أمير الحج عشرة ـ تدور حول توفير شروط الأمن والراحة والتموين، من نحو تأمين الماء والطعام للركب، والعبادة وتأدية الشعائر وتحديد المنازل للراحة والإقامة([90]). وذكرت المصادر أن معاوية بن أبي سفيان كان أول من طيب الكعبة بالخلوق والمجمر وأجرى الزيت لقناديل المسجد من بيت مال المسلمين([91]). وروى الطبري أن الوليد بن عبد الملك (86-96هـ) كتب في السنة الثالثة من خلافته إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز، بتسهيل الثنايا في الطرق وحفر الآبار في المدينة وخرجت كتبه إلى البلدان([92]). ويحكي ابن الفقيه أن الخليفة الوليد قد حفر المياه في مختلف المنازل الواقعة على الطريق كما أنشأ عليه البيمارستانات للمرضى([93]). إذا تركنا جانباً العوامل السابقة والتي جعلت من دمشق مركزاً اقتصادياً هاماً، فإن الشام اكتسبت أهمية خاصة بعد الفتح واستقراره في العصر الأموي، لأنها أصبحت تقع في وسط العالم الإسلامي، وعند نهاية الطريق البري لتجارة الشرق الأقصى، وبما أن المناطق التي كانت تحت النفوذ الساساني والبيزنطي قد غدت تحت سيطرة العرب فقد نشط الطريق التجاري البحري المار عن طريق الخليج العربي. وزالت المراكز الجمركية القديمة التي كانت موجودة بين الدولتين، مما منح التاجر حرية الحركة، وساهمت الشام مساهمة ملحوظة في الحركة التجارية بين مختلف البلدان الإسلامية وأصبحت معبراً لتجارة الترانزيت بين الشرق والغرب، وبما أن دمشق العاصمة كانت تتمتع بكل ما يمكن أن يؤمن للقوافل احتياجاتها، وما يحقق للقائمين على القوافل راحتهم ولها موانئها على البحر المتوسط، فقد اجتذب الطريق التجاري المار من العراق عبر الفرات إلى دمشق القوافل طوال القرن الأول الهجري وطغى على الطريق الشمالي المؤدي إلى أنطاكية وانتعشت الموانئ التابعة لجند دمشق ولاسيما منها بيروت وطرابلس. تبدّل الوضع في أواخر القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، نتيجة للتغير الذي أصاب طبيعة النزاع بين الأمويين والبيزنطيين، ذلك أن الأسلوب الذي اتبعه الأمويون في محاولاتهم للاستيلاء على القسطنطينية كان عسكرياً بحتاً، أما في محاولتهم الثالثة للقضاء عليها، تَدَخَّل العامل الاقتصادي. فبالإضافة إلى العداء البري والبحري، أضيفت الحرب الاقتصادية عندما سَكُ عبد الملك الدنانير الذهبية المعربة الأولى بدلاً من استخدام الدنانير البيزنطية([94]). وأمر أن تزال الشارات والتعابير المسيحية من أوراق البردي التي كانت تصنع في مصر وأن تضاف التعابير الإسلامية([95]). وأن تعرَّب دواوين خراج الشام من الرومية (اليونانية) إلى العربية([96]). والواضح أن عبد الملك أراد بعمله هذا أن يحرر الدولة العربية الإسلامية من السيطرة البيزنطية اقتصادياً، وأن يقيم وحدة اقتصادية مستقلة، وأن يحقق نوعاً من الضغط الاقتصادي على بيزنطة، إذ كان لا يمكن أن تظل الدولة العربية معتمدة في نشاطها الاقتصادي المتزايد على نقد أجنبي محدود الكمية باق من أيام الجاهلية أو يُورَّد من بلاد العدو عن طريق التجارة([97]). كان رد فعل حكام بيزنطة، أن عمدوا إلى تطبيق النظام التجاري المقيد الذي كان متبعاً ضد الإمبراطورية الساسانية، حيث كانت طرق التجارة والبضائع المستوردة كلها موجهة بدقة لمصلحة الإمبراطورية البيزنطية والدفاع عن مصالحها، كما أنها أغلقت البحر المتوسط في وجه الملاحة البحرية المنطلقة من البلاد العربية، وقد يفسر هذا توجه أسطول إسلامي ضخم أواخر سنة 99هـ نحو القسطنطينية، ولكن معظم هذا الأسطول تحطم نتيجة للنار الإغريقية والرياح العاتية([98]). فإذا تتبعنا أوضاع الشام سنة 135هـ، نجد أن دمشق قد خسرت مركزها التجاري المتميز كمحطة ترانزيت بين الشرق والغرب، وخسرت مكانتها عاصمة للخلافة الإسلامية إثر انتقال الحكم إلى العباسيين سنة 132هـ. وغدت العراق الولاية المركزية التي يمر بها الخط التجاري المتوجه إلى طرابزون المرفأ الأمين على البحر الأسود والذي سمح حكام بيزنطة بإدخال كل التجارة العربية إليها([99]). ابتدأ العباسيون حكمهم بهدم سور مدينة دمشق حجراً حجراً كما يقول المقدسي([100]). وخرّبوا دور الأمويين وعفوا آثارها واستصفوا أملاكهم، إلا أن ذلك لم يمنع الخلفاء العباسيين فيما بعد من الاهتمام بدمشق، وبناء سورها، وبناء دار سميت القصر([101]). وأرسل الخليفة المنصور بقية بن الوليد لمساحتها، وولى الربيع بن حظيان دار الضرب (السكة) بها([102]). وقام الفضل بن صالح بن علي العباسي والي دمشق في عهد المنصور بعمل أبواب للمسجد، وبناء القبة التي في الصحن وهي التي عرفت بقبة المال([103]). وكانت دمشق قد أصيبت بزلزال في عهد المنصور احترقت فيه كتب الأوزاعي كما يذكر ابن عساكر([104]). ولما تولى المهدي الخلافة (158-169هـ) زار دمشق، فلما نظر إلى الجامع الأموي، قال لكاتبه عبيد الله بن الأشعري «سبقنا بنو أمية بهذا المسجد الذي لا أعلم على ظهر الأرض مثله، وبنبل مواليهم وبعمر بن عبد العزيز»([105])، وأضاف المهدي على المسجد قبة جديدة في الناحية الغربية من صحنه سميت بقبة عائشة وذلك في حدود سنة 160هـ، وجعلوها لحواصل الجامع وكتب أوقافه([106]). ولما دخل المأمون دمشق (ت218هـ) نظر إلى جامعها، وكان معه أخوه المعتصم وقاضيه يحيى بن أكثم قال: ما أعجب ما فيه؟ قال المعتصم، هذه الأذهاب، وقال يحيى ابن أكثم: هذا الرخام وهذه العقد، فقال المأمون: «إني إنما أعجب من حسن بنيانه على غير مثال متقدم»([107]). وقد جعل المأمون إقامته في الشام مابين 214-218هـ أثناء غزوه لبلاد الروم، واتخذ دير مُرَّان في دمشق مقرّاً له([108]). وأجرى الماء إلى معسكره من نهر منين، وبنى قبة في أعلى جبل دير مُرّان، وصيّر مرقباً في أعلاها النار، كي ينظر إلى مافي عسكره إذا جنّ الليل([109]). وفي أيام المعتصم بدأ العمران يمتد خارج الأسوار ولاسيما خارج باب الفراديس، وأبدى الناس اهتماماً بفلاحة الأرض، وغرس الأشجار، وجرّ الماء إلى الضياع خارج الأسوار، وهذه من العوامل التي ساعدت على امتداد الرقعة العمرانية([110]). وكادت دمشق أن تعود ثانية عاصمة للدولة الإسلامية أيام المتوكل (ت247هـ) الذي انتقل إليها في صفر سنة 244هـ، وأمر بنقل الدواوين إليها والبناء فيها وتشييد قصر له بداريا، ولكن مقامه لم يطل فعاد أدراجه إلى بغداد([111]). وحين تعرَّضت دمشق لحريق سنة 264 وعند كنيسة مريم أمر أحمد بن طولون والي مصر والشام بإخراج سبعين ألف دينار تُعطى لكل من احترق له شيء، ويُقبل قوله ولا يستحلف عليه([112]). وبنى خمارويه بن أحمد بن طولون قصراً بدير مُرّان خارج دمشق، ويبدو أن هذا القصر اتخذ داراً للإمارة. يمكن القول أنه على الرغم من أن دمشق فقدت مكانتها السياسية الرفيعة التي كانت لها في العصر الأموي، فإنها استمرت قصبة لجند دمشق أكبر أجناد الشام، ومنطلقاً لقافلة الحج الشامي، ومركزاً تجارياً هاماً لأنها بقيت ملتقى للقوافل التجارية القادمة من مصر والجزيرة العربية والعراق والشمال، والمنطلقة منها إلى هذه الأمصار، كما أنها حظيت باهتمام خلفاء بني العباس، ولا نبالغ إذا قلنا إن معظم الخلفاء العباسيين خلال هذه الفترة قد أمّوا دمشق وأقاموا فيها، يتضح ذلك من قول ابن عساكر «ولم يزل ملوك بني العباس تخف إلى دمشق طلباً للصحة وحسن النظر». المصادر والمراجع: 1ـ ابن الأثير، (أبو الحسن علي بن أبي الكرم) ت 630هـ الكامل في التاريخ، إدارة المطبعة المنيرية. 2ـ ابن أبي أصيبعة (موفق الدين أبو العباس أحمد) ت 668هـ عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق نزار رضا منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت. 3ـ الأزدي (أبو زكريا يزيد بن محمد) ت 334هـ تاريخ الموصل، تحقيق علي حبيبة، القاهرة 1387هـ/1967م. 4ـ ابن أعثم الكوفي، ت 314هـ. الفتوح ـ تحقيق محمد عبد المعيد خان، 1388-1394هـ/1968 ـ 1974م). 5ـ البلاذري (أحمد بن يحيى بن جابر) ت 279هـ. فتوح البلدان ـ تحقيق محمد رضوان، المكتبة التجارية الكبرى، مصر. 6ـ بليايف، العرب والإسلام، والخلافة العربية، بيروت الدار المتحدة للنشر، 1973. 7ـ الجهشياري (محمد بن عبدوس) ت 331هـ كتاب الوزراء والكتاب، تحقيق، مصطفى السقا إبراهيم الأبياري عبد الحفيظ الشابي، 1357هـ/1938م 8ـ ابن حزم (أبو محمد علي بن سعيد الأندلسي)، جمهرة أنساب العرب، نشر وتحقيق ليفي بروفنسال، دار المعارف مصر. 9ـ حسين نصار، نشأة التدوين التاريخي عند العرب، بيروت 1980 10ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء الزمان، جزءان. 11ـ خليفة بن خياط، ت 240هـ، تاريخ خليفة، تحقيق سهيل زكار، دمشق 1967. 12ـ الخولاني (القاضي عبد الجبار)، تاريخ داريا، تحقيق سعيد الأفغاني، مطبوعات المجمع العلمي العربي، 1369هـ/1950م. 13ـ ابن خرداذبة، (عبد الله بن عبدا لله) ت 272هـ، المسالك والممالك، تحقيق دي غويه، مطبعة بريل، ليدن 1889. 14ـ الدينوري (أحمد بن داود) ت 284هـ، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، القاهرة، 1960. 15ـ الذهبي (شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان) ت748هـ، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، 1401هـ/1981م. 16ـ الزبيري (أبو عبد الله المصعب بن عبد الله) ت 326هـ، نسب قريش ـ تحقيق ليفي برفنسال، دار المعارف. 17ـ أبو زرعة (عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان) ت 281هـ، تاريخ أبو زرعة، جزءان ـ تحقيق شكر الله القرجاني، مطبوعات مجمع اللغة العربية ـ دمشق. 18ـ زهير حميدان، (أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية) المجلد الأول، وزارة الثقافة، دمشق 1995م. 19ـ سامي حمارنة (تاريخ تراث العلوم الطبية عند العرب والمسلمين)، بحث ألقى في المؤتمر الدولي الخامس لتاريخ بلاد الشام، وطبع في كتاب «بلاد الشام في العصر العباسي» عمان 1412هـ/1992. 20ـ ابن سعد (محمد) ت 230هـ، كتاب الطبقات الكبير، الأجزاء السبعة الأولى، ليدن 1322. 21ـ الشافعي (أبو عبد الله محمد بن إدريس)، ت 202هـ ، الأم، القاهرة 1388هـ/1968. 22ـ شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، الجزء الأول، دار المعارف للملايين بيروت 1978. 23ـ ابن شداد (عز الدين أبي عبد الله بن علي) ت 684, الأعلاق الخطيرة. تاريخ مدينة دمشق تحقيق سامي الدهان. 24ـ الطبري (أبو جعفر محمد بن جرير) ت 310هـ، تاريخ الرسل والملوك ـ 10 أجزاء تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف الطبعة الثانية. 25ـ الأصفهاني (أبو الفرج علي بن الحسين) ت 346هـ، الأغاني 18 جزء، تحقيق مصطفى السقا، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1927-1961م. 26ـ صلاح الدين المنجد: 1ـ منازل القبائل العربية حول دمشق، مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق 1955. 2ـ مدينة دمشق عند الجغرافيين والرحالة المسلمين ـ دار الكتاب الجديد بيروت 1967. 27ـ ابن طولون (شمس الدين) ت 953هـ، الثغر البسام فيمن ولي قضاء الشام، تحقيق صلاح الدين المنجد دمشق 1956. 28ـ ابن عبد الحكم (أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله) ت 257هـ، فتوح مصر وأخبارها. ليدن 1930م. 29ـ عبد القادرة بدران، تهذيب تاريخ دمشق الكبير7 أجزاء، دار المسيرة، بيروت 1979. 30ـ عبد القادر محمد الجزيري الحنبلي من أهل القرن العاشر الهجري، الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة، 3أجزاء تحقيق حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة، الرياض 1403هـ/1983م. 31ـ عبد العزيز عثمان، تاريخ الشرق الأدنى القديم، ط1967. 32ـ ابن العديم (كمال الدين أبو القاسم عمر بن أحمد) ت 660هـ، زبدة الحلب في تاريخ حلب، تحقيق سامي الدّهان. 33ـ ابن عساكر (القاسم علي بن هبة الله) ت 571هـ، تاريخ مدينة دمشق، المجلدة الأولى والثانية، تحقيق صلاح الدين المنجد. 34ـ علي بن أبي عبد الله محمد بن أبي السرور، بلغة الظرفاء في ذكر تواريخ الخلفاء، مصر 1327هـ/1909م. 35ـ أبو الفدا (الملك المؤيد عماد الدين أبو الفدا إسماعيل بن علي) ت 732هـ المختصر في تاريخ البشر، الجزء الأول، دار الكتاب اللبناني. 36ـ ابن الفقيه (أبو بكر بن محمد الهمذاني) توفي أواخر القرن الثالث الهجري، كتاب البلدان ـ ليدن. 37ـ قدامة بن جعفر، ت 337هـ، الخراج وصنعة الكتابة، شرح وتعليق محمد حسن الزبيدي بغداد 1981. 38ـ القلقشندي (أحمد بن عبد الله) ت 821هـ، 1ـ مآثر الأناقة في معالم الخلافة، جزءان، الكويت 1964 صبح الأعشى ـ 14 جزء، القاهرة 1331هـ/1913م. 39ـ ابن كثير (إسماعيل بن عمر) ت 774هـ، البداية والنهاية، 14 جزء، دار الكتب العلمية الطبعة الثالثة 1407هـ/1987م. 40ـ محمد بن حبيب، ت245هـ، كتاب المحبر ـ حيدر آباد الدكن، 1391/1944م. 41ـ المسعودي (أبو الحسن علي بن الحسين) ت 346هـ، مروج الذهب ومعادن الجوهر، 4أجزاء، دار الأندلس, 42ـ مصطفى الشكعة، مناهج التأليف عند العلماء العرب، قسم الأدب، دار العلم للملايين، بيروت 1974. 43ـ ابن منظور (محمد بن مكرم) ت 711هـ، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، تحقيق رياض عبد الحميد، دار الفكر، دمشق 1984. 44ـ مؤلف مجهول، العيون والحدائق في أخبار الحقائق، مكتبة المثنى، بغداد. 45ـ النويري (شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب) ت 733هـ، نهاية الأرب في فنون الأدب ج21، تحقيق محمد علي البجاوي. 46ـ الهمذاني («أبو محمد الحسن بن أحمد» ت 324هـ)، صفة جزيرة العرب، تحقيق علي الأكوع، منشورات دار اليمامة، الرياض. 47ـ ابن الوردي (عمر بن مظَّفر) تاريخ ابن الوردي، النجف 1969. 48ـ اليعقوبي (أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب) ت 284هـ: 1ـ تاريخ اليعقوبي، جزءان، دار صادر بيروت 1379هـ/1960م. 2ـ كتاب البلدان، ليدن 1891 المراجع الأجنبية 1- Archibald Lewis, Naval Power and Trade in the Mediterranean, 500-1100 A.D. 2- Good Child, (R.G.) The Coast Road of Pheonicia and its Roman Miles, 1949 3- Grand (C.P.) The Syrian Desert, Caravans Travel and Exploration. London 1937. 4- Lopez, Silk Industry in the Byzantine Empire in Speculum, 1945 XX. 5- Le Strange, Palestine inder the Muslim , 1890. Encyclopedia of Islam, New Edition, Art. Barid. )2( Good Child.R.G. The Coast road of Phoenecia and its Roman Miles, 1949 , pp. 91 -127. Grant, C.P. The Syrian Desert, Caravans Travel and Exploration London. 1937, pp. 33-27. ([3]) البلاذري. فتوح البلدان، تحقيق محمد رضوان، المكتبة التجارية الكبرى، مصر 1959 ص116 الطبري ـ كتاب الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف. مصر ج 3 ص387. ([6]) ابن العديم، زبدة الحلب في تاريخ حلب، تحقيق سامي الدهان، ص41، البلاذري فتوح، ص138، أبو الفدا، المختصر في تاريخ البشر ـ الجزء الأول ـ دار الكتاب اللبناني ج1 ص160. ([7]) ابن الفقيه، كتاب البلدان ـ ليدن 1302هـ، ص105، اليعقوبي، كتاب اللبدان، ليدن 1891، ص325-327، ابن خرداذبه ـ المسالك والممالك، ليدن 1306هـ. ([8]) ابن شداد، الأعلاق الخطيرة ـ تحقيق سامي الدهان ـ دمشق 1962. ص 94، 96، 98، 101، 106 ـ اليعقوبي ـ كتاب البلدان ص327. ([9]) البلاذري، فتوح، ص127، قدامة بن جعفر، الخراج وصنعة الكتابة شرح وتعليق محمد حسين الزبيدي، بغداد، 1981 ص291، ابن الفقيه ص106. ([11]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق ـ المجلدة الثانية ـ القسم الأول، تحقيق صلاح الدين المنجد، المجمع العلمي العربي، ص141. ([13]) ابن منظور، محمد بن مكرم (ت711) ـ مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، تحقيق رياض عبد الحميد مراد، دار الفكر، دمشق 1984 ج3 ص214. ([16]) صلاح الدين المنجد، منازل القبائل العربية حول دمشق ـ مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق م 30 ج1 1955ـ ص64. ([17]) ابن عساكر، تاريخ دمشق، م 2 قسم 1 ص129 ـ ابن طولون ـ قضاة دمشق، تحقيق صلاح الدين المنجد، المجمع العلمي العربي، دمشق 1956 ص1-2. ([18]) ابن عساكر ، م2 قسم 1، ص58، ص124، ابن كثير، البداية والنهاية دار الكتب العلمية، بيروت، ط3 1407-1987، ج9 ص64. ([26]) عبد القادر بدران، تهذيب تاريخ دمشق الكبير للإمام الحافظ ابن عساكر. دار المسيرة بيروت، 1399/1979، ج6 290، 343، ج 7 ص213. ([31]) المصدر السابق، ج4 ص562، ابن الأثير. الكامل في التاريخ، إدارة الطباعة المنيرية، ج3 ص197، القزويني، آثار البلاد وأخبار العباد دار صادر، بيروت، ص206. ([32]) ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 7 أجزاء، تحقيق محمد عبد المعيد خان، 1388-1394/1968-1974. ج4 ص181، الطبري، تاريخ ج5 ص403، 509، ج6 ص43-44، 105، ابن عبد الحكم، فتوح مصر وأخبارها، مطبعة بريل، ليدن 1930 ص102. ([33]) الأزدي، أبو زكريا يزيد بن محمد، تاريخ الموصل، تحقيق الدكتور علي حبيبة، القاهرة 1387هـ /1967، ص68. ([34]) الفقيه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله محمد بن أبي السرور، بلغة الظرفاء في ذكر تواريخ الخلفاء، مصر 1327/1909، ص18، 19، 22، 23، المسعودي مروج الذهب ومعادن الجوهر، 4 أجزاء، دار الأندلس، ج3 ص53، 89، 91، القلقشندي، مآثر الأناقة في معالم الخلافة، الكويت 1964، ج1 ص111، 117. ([37]) المصدر السابق، ج7 ص25. مؤلف مجهول، العيون والحدائق في أخبار الحقائق، (من خلافة الوليد بن عبد الملك إلى خلافة المعتصم) مكتبة المثنى، بغداد، ص82، ابن الوردي تاريخ ابن الوردي، النجف 1969، ص247. ([43]) صلاح الدين المنجد، مدينة دمشق عند الجغرافيين والرحالة المسلمين، دار الكتب الجديد، بيروت 1967، ص85. ([45]) الأصفهاني، الأغاني، 18 جزء تحقيق مصطفى السقا، مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة 1927 ـ 1961، ج16 ص34. ([49]) الجهشياري، كتاب الوزراء والكتاب، تحقيق مصطفى السقّا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ الشابي، ط 1357هـ/1938م، ص 33. ابن منظور ج15، 312، 313. ([54]) أبو زرعة، تاريخ أبي زرعة، تحقيق شكر الله بن نعمة القرجاني، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. ج2 ص703، ابن منظور ج25 ص125. ([56]) زهير حميدان، أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية المجلد الأول، وزارة الثقافة، دمشق 1995، ص26. ابن خلكان، وفيات الأعيان ج1 ص168. ([58]) ابن أبي أصيبعة ـ عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق نزار رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت ، ج1 ص163. ([60]) سامي حمارنة ـ تاريخ تراث العلوم الطبية عند العرب والمسلمين، عمان ـ إربد ـ جامعة اليرموك. بحث ألقي في المؤتمر الدولي الخامس لتاريخ بلاد الشام، وطبع في كتاب "بلاد الشام في العصر العباسي، عمان 1412/ 1992 ص541-542. ([68]) النديم ـ الفهرست ص131، ابن حزم الأندلسي، جمهرة أنساب العرب نشر وتحقيق ليفي بروفنسال، دار المعارف ، مصر ص319. ([71]) اليعقوبي، ح 2 ص328ـ الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص59، ويحدثنا الطبري أن هشاماً رفض أن يوافق على شروط الصلح بين السغد والمسلمين التي عقدها نصر بن سيار والي خراسان فلما كلمه الأبرش وافق على تلك الشروط، ح 7 ص192. ([73]) شاكر مصطفى ـ التاريخ العربي والمؤرخون، الجزء الأول، دار المعارف للملايين بيروت، ط 1978ـ ط1979، ص152. ([78]) الأصبهاني ـ حلية الأولياء ـ ح3 ص366، حسين نصار ـ نشأة التدوين التاريخي عند العرب، بيروت، 1980 ص64. ([82]) إبراهيم بن محمد الشيباني، يعرف بالرياضي الكاتب، أديب أصله من بغداد، واستقر في القيروان وترأس الديوان لبني الأغلب. ([86]) النويري ، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق محمد علي البجاوي، ح 21 ص236 القلقشندي ح 14 ص367 Ency.of Islam. Art. Barid. ([89]) يورد خليفة بن خياط في تاريخه من كان أمير الحج في نهاية كل سنة، أما اليعقوبي فيذكر من تولى إمارة الحج في نهاية عهد كل خليفة من خلفاء بني أمية. ([90]) عبد القادر محمد الجزيري الحنبلي ـ من أهل القرن العاشر الهجري، "الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المكرمة ـ 3 مجلدات، تحقيق حمد الجاسر منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة، الرياض، 1403هـ/1983 ح1 ص217، 274. ([97]) كان عرب الجزيرة يعرفون النقود الذهبية والنحاسية البيزنطية لصلتهم الوثيقة بعرب الشام، يحمل التجار من عرب الجزيرة حاصلات اليمن والحبشة والسواحل الإفريقية وربما بعض ما يرد من الهند إلى الشام ويعودون بمنتجات الشام والنقود البيزنطية، وكانت النقود المتداولة قبل الإسلام وبعده، نقود فوكاس (602-610م) ونقود هرقل (610-641م) ولابد أن تكون بعض نقود الأباطرة السابقين موجودة بدليل أن النقود المقلدة من قبل العرب تحمل صورهم. كما يذكر البلاذري أن القراطيس كانت تدخل بلاد الروم من أرض العرب. وتأتي من قبلهم الدنانير. البلاذري، فتوح ص 241، محمد أبو الفرج العش النقود العربية الإسلامية، ص274. ([110]) يذكر ابن القلانسي أنه بعد أن استولى الفاطميون على دمشق سنة 358هـ طمعت المغاربة في نهب القرى، وأنهم ألقوا النار في ناحية باب الفراديس. وكانت منطقة باب الفراديس من أحسن المناطق العمرانية في دمشق وكان هناك من البنيان الرفيع الغاية في الحسن. |