|
||||||
Updated: الاحد, تشرين الأول 26, 2008 09:52 ص | ||||||
فهرس العدد |
جماليات النسق الضدي شعر أبي العلاء المعري أنموذجاً ـــ د.سمر الديوب(*) الملخص يسعى هذا البحث إلى تقديم تصور لنص المعري انطلاقاً من الثنائيات الضدية بهدف الكشف عن تشكلات هذه الثنائيات، ووظيفتها التي تؤسس المعاني والرموز والدلالات. إن تغليب الأضداد في شعر المعري يكشف عن وعي الشاعر جوهرَ الصراع في الحياة، ويصور تفاعلاته مع حيثيات هذا الصراع. فقد استعمل المعري الأضداد، فأعاد تشكيلها بفعل طاقة اللغة، وولّد منها أنساقاً متحركة قادرة على استيعاب تصوراته حول إشكاليات الكون. ويسعى البحث أيضاً إلى دراسة النسق الضدي في شعر المعري على مستويين: ـ على مستوى الموضوع في مجال صراعه مع الإنسان والزمان والمكان. ـ على المستوى الفني في مجال الثنائيات الضدية والصور التنافرية والمفارقات اللغوية. لقد شكلت الأنساق الضدية في شعر المعري وظيفة جمالية، نقدَ من خلالها الذات والآخر، وحاول قراءة العالم بحسّه المرهف؛ ليعيد بناءه وفق رؤيته الكونية. ـ كلام في المصطلح والمنهج: يبني الشاعر من الواقع أحلاماً، ومن الحقيقة خيالاً، ومن الآلام آمالاً، فيبدو كأنه يعيش عالماً غير عالمه، وحياة غير حياته. وحين يسعى الناقد إلى تطبيق نظرية نقدية معاصرة على شاعر قديم كالمعري نجد الشاعر القديم يغدو شاعراً معاصراً بما يقدمه من رؤى ومشكلات وحلول. فالشاعر القديم يرسخ قيماً معينة كما يفعل الشاعر المعاصر. يلعب الشاعر القديم على وتر اللغة فيستخدم التشبيهات والاستعارات... والتضاد. ويُعنى النقد الثقافي بالقواعد الأساسية لحركة المجتمع، ولمنافذ التغييرات الفكرية والثقافية والسياسية، ويعدُّ الإبداع الشعري واحداً من المغيرات الفاعلة في المجتمع. وتحاول هذه الدراسة أن تفيد من معطيات الفكر النقدي ما بعد الحداثي بما يسمى الجماليات الثقافية. فالنقد الثقافي سيركز بشكل واضح على التمايز الثقافي بين الطبقات الاجتماعية. إن حالة الصراع في المجتمع بين الطبقات الاجتماعية تسهم وفق منظور التحليل الثقافي في ولادة العديد من المناهج ذات المرجعيات والأشكال السلطوية كالصراع بين الأنا والآخر، والمركزي والهامشي... ويحاول الناقد الثقافي قراءة هذه المناهج والأنساق الثقافية في ضوء السياقات الثقافية والظروف التاريخية التي أوجدتها. وانطلاقاً من معطيات هذا المنهج تحاول هذه الدراسة فك مضمرات النسق الشعري لدى المعري بوصفه واقعة جمالية ثقافية تلتقي فيها الذاتُ الإنسانية الواقعَ الاجتماعيَّ في التجربة الثقافية، ويلتقي الواقعيُّ المتخيلَ. إن عالم المعري بناء ثقافي متعدد الأنساق الجدلية، والثقافة بوصفها آلة مولدة هي تدمير وتنظيم ونمذجة. وقد ذهب فان ديك([1]) إلى أن دراسة النص الأدبي بوصفه ظاهرة ثقافية تعدُّ تتويجاً لدراسات سياقية تبدأ بالنص التداولي فالسياقي فالمعرفي، ثم السياق الاجتماعي والنفسي، وأخيراً السياق الاجتماعي الثقافي، وربط كل دراسة سياقية بهدف له علاقة بالنص الأدبي تبدأ بالنص بوصفه فعلاً لغوياً ثم بعملية فهمه وتذوقه وأخيراً تفاعلاته والمؤسسة الاجتماعية. وتلازم هذه الدراسة الجانب الجمالي والجانب القبحي في التحليل الثقافي على الرغم من أن أصحاب مشروع النقد الثقافي يرون أن وظيفته تكمن في إبراز القبحيات داخل الأنساق المضمرة في النصوص بدلاً من التركيز على الشيفرات الجمالية. يرى الغذامي ـ على سبيل المثال ـ أن النقد الثقافي (معني بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه. ما هو غير رسمي وغير مؤسساتي، وما هو كذلك سواء بسواء). ([2]) يستفيد هذا النقد من تأويل النصوص، ودراسة الخلفية التاريخية، ويفيد من الموقف الثقافي النقدي والتحليل المؤسساتي، ويركز الناقد الثقافي على أنظمة الخطاب والإفصاح في النص فلا شيء خارجه. أعلن الغذامي موت النقد الأدبي وولادة النقد الثقافي([3]) اعتقاداً منه أن تركيز القراءات النصوصية على الجمالي الشعري جعلها تغفل عن عيوب الخطاب النسقية. ونتساءل: كيف يموت النقد الأدبي؟ وكيف يبني النقد الثقافي جسوره على أنقاضه؟ وهل يتحقق النقد الثقافي حين ينفصل عن جماليات اللغة والمعنى في الشعر؟ أم أنه يكتسب صفته الثقافية بفعل السياقات الجمالية والقيم الاجتماعية المنصهرة فيه. يرى الغذامي أن الشعر العربي هو المخزن الخطر لهذه الأنساق، وهو الجرثومة المستترة بالجماليات([4]) في حين يرى في موقع آخر([5]) مناقضاً نفسه أنه لابد أن يكون النص جميلاً ويستهلك بوصفه جميلاً بوصف الجمالية أخطر حيل الثقافة لتمرير أنساقها. فالقيمة الثقافية حيلة بنظره ما يعني الإعلاء من شأنها في بنية الخطاب الثقافي، والاعتراف بقدرة البلاغي والجمالي في توكيد الأنساق. ويحاول الشاعر المبدع قراءة العالم بحسّه الإنساني المرهف، وبعلاقته الإيجابية والسلبية ليعيد بناءه بوصفه كلاً ثقافياً فاعلاً. وهذا ما يسمى بشعرية الخطاب الشعري، فالشعرية علم موضوعه الشعر. كما يرى جان كوهين([6]) ومن ثم تشكل نظاماً مكوناً من شبكة علاقات متداخلة ورامزة داخل النص الشعري، وتفضي هذه العلاقات المتداخلة في حركاتها، وإشاراتها إلى سياقات تحمل طابع النسقية والنظام. ـ شعر المعري من وجهة نظر التحليل الثقافي: إن الهدف المرتجى من هذا المنهج هو النظر إلى شعر المعري بعين الجمال من أجل استخراج القيم السامية والمآثر العظيمة والصياغات اللغوية حيوية التفاعل، وإيحائية الدلالة، وبعيدة العمق ممثلاً ذلك كله خلاصة جهد المعري في صراعه مع الزمان والمكان والإنسان. وسيعمل البحث على تقديم تصور لنص المعري انطلاقاً من مقولات التحليل الثقافي وجمالياته، وسيولي الأنساق الموجودة في البنى النصية أهمية بالغة للكشف عن تشكلات هذه الأنساق، ووظيفتها المؤسسة للمعاني والرموز والدلالات. تحتوي قصيدة المعري في بنيتها العميقة أنساقاً مضمرة تتعلق بنظرته للوجود بكلية أضداده. وتأويل هذه الأنساق المضمرة من حيث هي مكونات ثقافية للمجتمع الفاطمي تحتاج إلى تأويل ثقافي عميق يبين طبيعة الموضوعات التي أنتجتها هذه الأنساق. في مجال التحليل الثقافي يظهر صراع الأضداد في مفارقة عجيبة جمعت بين الصدام والتآلف بين الأضداد في النص الشعري. إن الأضداد المتصادمة، والأنداد المتصارعة، والاستعارات المتنافرة أصبحت لغة تحاكي حركية العلاقات المتشابكة في شعر المعري. فما مدى فاعلية الأنساق الثقافية وما تشير إليه متشكِّلاتها المتغيرة على حدّ التآلف والتنافر؟ في شعر المعري معان ٍغائرة خلف أشياء الأرض والسماء مكاناً، والتاريخ القديم والجديد زماناً. وربما نستطيع أن نزعم أن الشعرية تقوم على مبدأ الأنساق الثقافية المضمرة وصورتها مؤسسة على مبدأ الضدية على مستوى الموضوع فيزداد التوتر المسافي بين العلاقات الظاهرة والمضمرة من حيث هي علاقات رامزة. والأنساق الضدية الثقافية على مستوى من الشعرية في نص المعري. فقد وظف إمكاناته المعرفية والثقافية لتشكيل عوالم الصراع وإبرازها فنياً داخل العمل الشعري. ـ النسق الضدي في شعر المعري على مستوى الموضوع: لا نستطيع أن نقول إن كل موضوعة يثيرها الشاعر في نصه تمثل نسقاً ثقافياً. وفي عوالم الضد داخل النص الشعري كمائن ثقافية، وأبعاد معرفية وحجم التآلف بين تنافر الأضداد وتصادمها يكشف صورة عن وعي الشاعر جوهرَ الصراع في الحياة، ويكشف صورة عن تفاعلات الشاعر مع حيثيات هذا الصراع. أ ـ صراع الإنسان مع الإنسان: الحياة لدى المعري متناقضة، ويأتي تناقضها من نظرته المتشائمة، ورؤيته المختلفة عن رؤية غيره من الشعراء. وقد اتخذ المعري من صراعه مع أفراد مجتمعه ومؤسساته مفاتيح نسقية قادرة على إثارة الجدلي والمشكل ليثبت نظرته في الحياة، وقدرته على إيجاد أنساق تجسد ثقافة الحلم بالإفلات من هيمنة الأنساق الزمانية والمكانية السالبة. تصنع الأنا في حياة المعري عالمها الخاص مقابل عالم الآخرين، وهنا يتجلى الصراع لديه. إن له أسلوباً خاصاً في الإفصاح عن الأنا، يقول([7]):
فإن لم يوفّه الكبراء حقه، ولم يقدروا له مكانته من الفضل فارقهم مجملاً، وأدبر عنهم مرتحلاً بعد أن كان مقبلاً فصار أمامه وراء، والعكس صحيح، فالريح إذا مرت به أثنت عليه، فكيف يذمه من يجهله أو من لا يعرف قدره؟! يستند المعري هنا إلى رصيد ثقافي متجذر تقوم فيه الأنا مقاماً أساسياً جوهرياً، ويعتمد الخطاب على هذه الأنا لدرجة أن هذا القول هو الجملة الثقافية ليس للشاعر فحسب وإنما للثقافة بشكل عام. والأنا لا تتكلم على الشاعر وحده، لكنها الأنا النسقية / الثقافية فهي تمثل نسقاً مشتركاً. وحين يركز على الأنا سينفي الآخر بالضرورة. إن نص المعري يتضمن أنساقاً مضمرة تعلي من شأن الأنا، وتجعل منها نسقاً مهيمناً. يقول:([8])
من خلال هذا الحوار أراد أن يظهر موقف نجاته من الغرق في ظلمات عالم الأحياء. ولعله لم يجد منقذاً له في الأرض والسماء. فليست اللجتان إلا الظلام الأبدي. فكيف تغرق النجوم؟! إنه يريد غرق النور وفناء الضياء معبراً عن نفسه. فقد اتخذ لنفسه سلوك حياة مختلفاً، ورؤية مختلفة عن بني البشر. ثمة نسق متحول من خلال إظهار الأنا المعتدة بنفسها التي تبني عالمها الخاص. وهذا النسق يخفي في بنيته رؤية الشاعر الحياةَ بتأكيد نظرته الخاصة في الحياة بدلاً من حياة الناس العاديين. ويبدو المعري متناقضاً مع نفسه في مواقع متعددة في شعره. فتارة يقدم نفسه على أنه الشخصية الحافلة بروح التحدي والنضال الوجودي، وتارة يقدم صورة الإنسان الذي يصطدم مع الآخرين، ويشك في كل شي حتى لا يجد ما يستحق العناء في هذه الحياة. ما يعني أنه يقدم نسقين متضادين في شعره، وهذان النسقان يتضادان مع نسق ثالث هو النحن ( ثقافة المجتمع ).([9] )
من خلال هذه الأبيات نجد أنفسنا أمام نسقين: النسق الجمعي ويشمل ثقافة المجتمع، والنسق الفردي ويتضمن رؤية الشاعر الذاتية للآخر. ونجد أن النسق الفردي لدى المعري غير خاضع للنسق الجمعي، إنه متمرد على النسق المضاد لتشكيل عالم الذات. فيصبح النص الشعري (في أسمى تجلياته محاولة للمعالجة مع الواقع بكيفية أو بأخرى. إنه محاولة لتحقيق الانسجام عبر الانسجام الحاصل في الواقع المعيش. ولما كان هذا الواقع لاينتمي إلى النص إلا من خلال شرطه اللغوي فإن الشاعر يعيد صياغة هذا الواقع انطلاقاً من التمرد عليه لإعادة بنائه بشكل جديد تبدو معه اللغة غريبة عن واقعها الأول، واقع القول المؤتلف. وفي غرابتها تتجلى معانقتها للواقع الثاني واقع القول المختلف).([10]) فثمة نسق ناقد من قبل الشاعر لكيفية الأداء الإنساني، يمثل رؤيته الخاصة وسلوكه في التعامل مع موضوعات الحياة. يضخم المعري ذاته فيخاطبها أكثر مما يخاطب الآخر، ويمكن أن نعدّ هذا التضخم جملة ثقافية نسقية. يرى د.الغذامي([11]) أن المكانة المعنوية لا تتحقق إلا بإلغاء الآخر، واتخاذ نسق مضاد منه، والثقافة الجمعية تبارك هذه الفحولة الأنوية. ونستنتج من هذا الكلام أن الفخر هو مديح للذات في النهاية. فثمة مضمر نسقي هو تحقير الآخر، ولا يستقيم الفخر إلا بذلك. لا يمكن أن نذهب مع د. الغذامي إلى أن المعري قد ضخم الأنا لديه ليحقر الآخر. إنه يقدم نسقاً مضاداً لمجتمع تعمق في سلبياته أكثر من غيره. وإن كان قد لجأ إلى الأساليب البلاغية فليس من قبيل سلاح الإرهاب البلاغي الذي أكده الغذامي([12]) فقد خلط د. الغذامي بين مفهوم الجمالي والأخلاقي. فالنزعة الجمالية برأيه أدت إلى تزييف الخطاب الثقافي العربي وتشويهه. إذ يمكن للتحليل الثقافي أن يتعلم الكثير من التحليل الشكلي. فليست النصوص الأدبية مجرد نصوص ثقافية. إنها نصوص ثقافية بفضل القيم الاجتماعية لذلك يمكن أن ينظر إلى التحليل الثقافي على أنه مكمل للتحليل الأدبي لا مناقض له في ضوء التمييز بين ما هو داخل النص وما هو خارجه. ويبدو أن د. الغذامي لم يختر من النصوص إلا ما وافق نظريته وأغفل الباقي!!! وبعودة إلى نص المعري نجد أنه يعزز النسق المهيمن من جهة، ويتضاد مع نسق الآخر من جهة أخرى. لكننا نلمح تناقضاً يعتري آراء المعري. فثمة حال متضادة مع نفسه، والسبب يكمن في كف بصره الذي جعله يشك في كل شيء. ففي اللزوميات نراه حائراً أشد الحيرة لا ينصب نفسه واعظاً؛ لأن الرجل يبدأ بذم نفسه، ويحكم عليها بما يحكم به على الناس، يقول:([13] )
إنه يسخط على الفئة المستبدة في المجتمع حتى يسقيهم قطرات من العلقم. ونراه يخاطب عاذلاً له، هذا العاذل قد يمثل رؤية المجتمع للعلاقة بين الوضع الاجتماعي والسياسة. فالشخص العاذل للشاعر معادل نسقي لثقافة المجتمع في تعامله مع تمرد الشاعر على السلطة والسياسة. ما يعني أن ثمة رقيباً اجتماعياً يحاول ضبط الأنا المتمردة. والأنا حسب تعريف نيقولاي برديئف هي (الوحدة الدائمة التي تكمن وراء كل تغيير، والمركز الذي يتجاوز الزمن ... وهي تحدد نفسها من الداخل حينما تتجاوب تجاوباً فعالاً مع المؤثرات الخارجية كلها.)([14] ) يرتبط الفعل الإنساني في ثقافة المعري بمفهوم القيمة، ومن خلال هذه القيمة يسعى إلى المجد والسمو، وهو يحاول أن يحلّ هذه القيمة مكان النسق الاجتماعي الثابت. من هنا تبدو عبثية الحياة لديه. وتبدو نزعته إلى التشاؤم. يقول: ([15] )
لا جدوى من نوح باكٍ أو ترنم شادٍ، وهنا يغدو فعل الزهد عنصراً فاعلاً في مواجهة عبثية الحياة وقهر الزمن، ويغدو موقفه العام مرحلة فعلية للخروج مما يراه سلباً في واقعه إلى ما يراه إيجاباً. فكشف المسكوت عنه في هذا النص عن رغبة الشاعر في خلخلة النسق العام/المجتمع وما فيه لبناء نسق ذاتي يراه مناسباً عن طريق إخماد مالا يعجبه من خلال الاستفهام والنفي ... يحاول المعري أن يكون زاهداً متأملاً فاعلاً لا معيقاً لحركة تطور المجتمع على الرغم من سوداويته، فهو يتخذ نسقاً ضدياً من النسق الجمعي؛ ليعيد تشكيله وفق رؤيته الخاصة. فالبؤس الاجتماعي برأيه يؤدي إلى بؤس اقتصادي، والحل في نظره يكون بتأدية الزكاة، يقول: ([16])
إنه يخاطب القوت، وهو أقل الطعام، إنه ليس ذهباً، ولا حجراً كريماً فكيف يعزُّ وجوده بين الناس؟! يتخذ نسقاً ضدياً من النسق الجمعي: فالموت أجمل من الحياة بكثير مع أن الموقف ليس نابعاً من المفاضلة أو النزوع إلى الأجمل بمقدار ما هو نزوع إلى العدم. وهو يسَّوغ هذا النسق رغبة منه في إزاحة النسق الموجود فإذا به يقدم نسقاً مظلماً، ويحاول أن يغيب قوة الفعل أمام قوة الموت. وتبدو صورته التصادمية مع المجتمع بشكل أوضح في علاقته بالمرأة. إنه يحاول إحداث فراق بينه وبينها فحركته مناوئة لحركة المجتمع. وللأفعال الماضية دور وظيفي في الدلالة على تأكيد فكرته. فهو يدعو إلى الالتفاف حول فكره الخاص به، وحول ثقافته. وهو يستشعر في قرارة نفسه خطر هذا الفكر. المرأة خصوبة، حياة، توالد وهي بذلك تتضاد مع فكره وزهده وتشاؤمه؛ لذلك ضخم نفسه/نسقه وجعلها تتصادم مع مجتمعه. فأصبحت الأنا لديه مستقلة غير آبهة بفكر المجتمع. يقول:([17])
ويقول في موضع آخر:([18])
لقد نظر إلى النسل على أنه مقدمة للموت ويرى د.طه حسين ([19]) أن المعري لم يكن زاهداًُ، إنما كان رجلاً عاجزاً عن تحقيق آماله، لكنها لم تذعن له، فأدركه اليأس من انقيادها. لكن الأمر ليس بهذه الصورة فلم يكن المعري فيلسوفاً ولم يكن يائساً من انقياد الآمال، لكنّ له آراء كونها من خلال نزعته العقلية، وتجاربه الذاتية، وربما من تأثره بفكر الفلاسفة الذين سبقوه، وليس الأمر رد فعل على ما عاناه فلم يمنعه العمى من أن يرى الحياة بصورة أعمق مما رآها المبصرون، وزهده ناتج من رأيه في الطبيعة البشرية. ونراه في شوق إلى إقناع النسق الجمعي بخصوصية النسق الفردي. وفي مجال الحديث عن تضخم ذات الشاعر نرى قدرته على الاستغناء عن الجمال في حيز النسق الجمعي في سبيل تأكيد الأنا والنسق الخاص به. فالذات النسقية للمعري تفرض نفسها بباعث خاص هو عقدة العمى. فكيف لأعمى أن يتمتع بالجمال من دون نعمة البصر؟! إن ما يراه عمومياً في الحياة لا يكسر رتابته إلا حافز من الخصوصية يستشعر قيمتها وأهميتها وفعل الرؤية في موقف المعري من المرأة يعطي انطباعاً بهروب الأنا من مرآة الحياة، ويهدف إلى تحقيق تفرد للذات. وهنا تظهر ثنائية الثبات/التحول واضحة في لحظة النقد النسقي للنسق المتحرك/المجتمع. فثمة صورة تصادمية بين الشاعر والمجتمع والمرأة، وثمة علاقة حميمية مسكوت عنها في رثائه أمَّه. وها هو يحمل تحية لأمه مع ريح المسك والكافور قائلاً:([20])
في علاقة الطفل بأمه موقف إعجاب من عالم النسق الجمعي. فالأم نسق إيجابي هدفه بناء عالم إنساني يتسم بالكمال، لكن سيرورة التحول جعلت الشاعر في موقف مضاد من النسق الإيجابي. فالزمن الحاضر هو زمن التضاد النسقي بين المؤنث /الجمعي، والمذكر/ الشاعر يكشف من خلاله الشاعر عن طبيعة التحول الذي أصاب عالم المثل. هذا التحول جعله يشكل نسقاً متفرداً بثقافته وعالمه. للمرأة دور سلبي في حياة الشاعر، وفي التمايز القصدي بين الصورتين النسقيتين أمه/المرأة عموماً إظهار قصدي واعٍ لثنائيات ضدية: السلب/الإيجاب، الفرد/المجتمع ... فلا نجد في شعره تعقباً لامرأة أو لظعن؛ لأن في ذلك تمسكاً بمتع الحياة، ودليلاً على إحساس بقيمة المرأة العظيمة في بعث الحياة وهو أمر لا يتوافق مع رؤيته ورؤياه. حاول المعري الانسجام مع واقعه في بعض الأحيان، ولم يكن دائماً على علاقة صدامية معه. يقول:([21])
يظهر في البيتين نسق يتخذ الشاعر فيه صفة الإنسان الحريص على صفة الثبات (التجاهل مع الجاهل). يجسد هذا الصوت الداخلي حقيقة صوت الشاعر الداخلي والباحث عن ثبات يسهم في استمرارية الحياة على الرغم من اقتناعه بعبثيتها، يحاول الانسجام مع العالم الإنساني في مجتمعه؛ لذلك تركز النسق الأنوي على النصح الذي يحرص على المجتمع من التصدُّع. ولعل التعجب علامة تشير إلى معرفة الملغز في الحياة. وتعجُّبُه يوحي بتطلعاته إلى إعادة المتحول إلى ثابت مستقر، فالإحساس بالجمال لديه لا يوجد في عالم الحقيقة. إنه يطوف في المرايا النسقية للحياة فلا يرى إلا الجهل، قصد من هذا الطواف الاندماج والتعايش لا الانفصال. وتكرار الشيء يعني نزوع النفس إلى الاهتمام به فإقصاء المرأة، والشعور بعدميتها نسق مضاد لحركة المجتمع، إن لديه شغفاً بالحديث عن فهمه الخاص للحياة؛ لذلك يعدد آليات هذا الفهم، فتظهر حالة التضاد بين الشاعر والموقف الإنساني. وبحثُ الشاعر عن الحقيقة الثابتة يواجَه دائماً بالحقيقة المتغيرة. فالنسق الآخر يحارب نسقه الخاص، ولا يمكِّنه من المضي نحو هدفه المنشود. وبذلك نستطيع القول إن إخفاق الشاعر في الوصول إلى (العنقاء والخيل والمطايا) انعكاس فعلي لثقافة الزهد والتشاؤم.
ينتصر الشر في النهاية لدى المعري ما يدفعه دفعاً إلى الزهد والتشاؤم. ب ـ صراع المعري مع المكان : يرى باشلار أن المكان ( يرتبط بالقيمة الجمالية التي يمتلكها، والتي يمكن أن تكون قيمة إيجابية ـ قيماً متخيلة سريعاً ما تصبح هي القيم السائدة ).([23]) والمكان لدى المعري مكانان: المكان العام المرتبط بقيم المجتمع، وهو مكان متصل بالسعادة الإنسانية، لكنه متصل بالشقاء لديه، ومكان رامز إلى التحول من عالم الفساد إلى عالم الحياة التي ارتضاها لنفسه وهي حياة تحمل معها نقيضها. إنها حياة الموت، أو موت الحياة. ومكانه الخاص يصطدم بالمكان العام في علاقة ضدية، فالمكان العام يطمس الإنسان، ويشكل خللاً يسيطر على دورة الحياة؛ لذلك يخلق الشاعر من نفسه إمكانات إبداعية يتحدى من خلالها عملية القهر المكاني للإنسان، ويصور فيه إصراره على الثبات أمام السلب المكاني. يصر المعري على تحدي النسق المكاني من خلال إصراره على مكانه الخاص، وفي هذا المكان الخاص يبتعد عن شرور المجتمع والحياة والمرأة... ففي رحلة حياته عاش هذه المتناقضات، ووجه أنساقه الثقافية لإظهار طموحاته في التغلب على سلبية المكان بإقامة علاقة تصالحية بينه وبين مفردات المكان حيث يبدو الإنسان قادراً على التفرد. يقول: ([24])
إن الأرضي هو المكان حسب رؤية المعري الذي تسعى فيه الذات إلى تحقيق مطامحها على الآلام لكن رؤياه السوداوية تغلب. فقوة المعري تسطو على قوة الأرضي، وتصبح الذات عنصراً منفعلاً لا فاعلاً، حاضراً في الحياة لكنه ليس محركاً لها. إن مفهوم الحياة يستوجب التصاقاً بحدود مكانية، وإذا كانت رؤيته ملتصقة بموضوعة الانكفاء والزهد والتأمل التي توحي بانفلاته من المكان (الحياة) فإنه في مكانه الخاص يصنع الرؤية والرؤيا معاً. لقد صارع المعري المكان العام (الحياة)؛ لأنه حافل بالأذى، وهذا الأذى لذيذ دفعه إلى محاربته لا إلى الخنوع له بطريقته الخاصة. يقول مستهوياً ذكرى طيف المرأة، وذكرى الأطلال معه:([25])
إن منازلها خالية منها فهي اليوم آثار قائمة، ولكنَّ لخيالها في نومه منزلاً محلالاً. فمشهد القفر المكاني يعني علامة من علامات الموت. فالطلل يجعل الشاعر شاهداً حياً على صورتين: صورة الحياة، وصورة الموت الراهن، وتماوج النفي بين نقيضين يزيد من حيرة الشاعر ويجعله يرسخ سطوة النسق المكاني، فقد أوجد وسيلة ناجعة أخرجته من دائرية الانغلاق وسلطة المكان بحالة حلم. إنه يتحدى النسقية الطللية فيكشف عن نسق مضاد ويظهر في حالة الحلم. وإذا كان في هذا الموضع يستعيض عن الغياب المكاني بحالة حلم فإننا نجده في مكانه الخاص قد انتصر على الأنثى، واستجمع قواه، فأشعر المتلقي بشعور الأنس في مكانه الخاص على الرغم من سلبية المكان ووحشته. فيتشكل شعور بالحب للمكان الخاص، وشعور بالكره للمكان العام، وهذان الشعوران كفيلان بدفع الشاعر إلى الإحساس بالتوتر نتيجة تصدع العلاقات الإنسانية. يقول:([26])
لقد نوع المعري في سجونه حتى إنه أضاف إليها سجناً آخر هو السجن العروضي. فأهم سجن سجن فيه شعره هو سجن الثقافة اللغوية. إن ثمة استبداداً مكانياً، وحركة الصراع تبدأ من جهة المكان الذي يحيط به، والإنسان مشارك في هذا الصراع؛ لذلك يحاول المعري إيجاد نسق مكاني مضاد محاولة لتطويع النسق الأول والتفوق عليه. يقول:([27])
في رحلته مع الحياة يعيش تناقضاتها، ويوجه أنساقه الثقافية لإظهار رغبته في التغلب على سلبية المكان العام بالانكفاء إلى المكان الخاص حيث يكون لفعله الإنساني سلطة التفرد والتميز. فمن المضمرات التي يثيرها النسق المكاني في عرف المعري موضوعة الجهل، لقد انعدمت وسائل الاتصال بينه وبين مجتمعه لانعدام التفاهم، فتحققت هجرته إلى المكان الخاص. ج ـ صراع المعري مع الزمان: مكان المعري مكانان، وكذلك زمانه زمانان: زمان فيزيائي وزمان خاص به. وعلاقة المعري مع الزمن علاقة توتر وإحساس بقوة غيبية تجعل القدر محتوماً. إن سلطة الزمن/القدر المحتوم هي التي تنسج خيوط الصراع الإنساني، وتجعل رؤية الشاعر للمكان سالبة. فا(لا يمكن إدراك الزمان إلا في تعقده وتركيبه، وليس لنا الحق في تناوله كأنه معطى وحيد الشكل وبسيط)([28]). ويمثل أسلوب التضاد لدى المعري في مجال الحديث عن الزمن بنية متكاملة حمل من خلالها هموم الوجود، وهمومه الفكرية والنفسية فعكست بشكل خفي مشاعره وأحاسيسه. ففي تضاد الليل والنهار تتضح جدلية الصراع الإنساني مع الزمن في الليل. ففي الليل لدى الإنسان العادي سرّ غامض، وقوة مهيمنة تبعث على القلق والحيرة فكيف بإنسان حياته كلها ليل في ليل؟! يتردد في شعر المعري نمط الليل الزنجي([29]) في تصوير السواد والظلام وما يرمزان إليه من شؤم ومعاناة. يقول:([30])
ويقول : ([31])
صورته الأولى في وصف البرق وتصوير الرعب في الليل، جسّد من خلالها الفزع بصورة الزنجي جريحاً وقد تلطخ بالدماء، وهو يسخِّر العناصر المتمثلة في الليل/الزنجي، فيوحي اللون الأحمر بدلالة الخطر، أما الأسود فيوحي بالشر والقبح، وذلك كله في إيقاع لوني يعقبه إيقاع موسيقي حركي في قوله مستطيراً جريحاً. ولهذه الصورة دلالة رمزية نفسية. فقد يتبادر للذهن أن الشاعر يعبِّر تعبيراً جمالياً لكن سياق الصورة يأبى ذلك في قوله:([32])
كل فجيعة مرت في حياة المعري ألصقها بالدهر. فالدهر نسق شعري ثقافي قاهر في غموضه وهيبته. لقد اتخذ من الليل رمزاً لمعاناته الوجودية وتوحده، وإذا كان يرضى داءه هذا دواءً لآدميته الخطاءة([33]) فالليلة الزنجية هي النمط الذي استوطن نفسه عن الظلام، وتشبيه الظلماء بعروس من الزنج مقلدة بجمان تهويلٌ للصورة لا تجميلٌ لها. فمن المعروف عن الزنج أنهم يهرجون هرجاً شديداً فكيف يصير هرجهم عرساً؟!! وما المقابلة بين البدر طفلاً، وشباب الظلماء في العنفوان، ثم بين عروس الزنج وقلائدها الجمانية إلا من وسائط الشاعر لإثارة المفارقات التي يكشف بها الضد ضده. عاب د.طه حسين على أبي العلاء في صورة الليلة الزنجية أنه (شديد النبو عن الحقيقة بعيدٌ ما بينه وبينها من الأمد. فإن ذلك لا يتم إلا إذا كان ائتلاف النجوم وانتظامها وموقعها من الليل كائتلاف القلادة وموقعها من العروس. ومن الظاهر أن الليل ليس بالعروس إلا في اللفظ، وأن النجوم ليست كالقلادة إلا على طرف اللسان)([34]). لم يقصد أبو العلاء المعنى الظاهر وهو البهجة والمرح المتمثلان بعروس الزنج. فالليل في سواده صورة عن حياة المعري التي أضحى فيها الليل سرمدياً، وهذه العروس زنجية، وللسواد قيمة قبحية لدى العرب مهما كان جميلاً، فهذه الصورة تنطوي تحت نزعته التأملية. فحياته ليل أسود، والقلائد والنجوم أفكار تلمع في ذهنه فتكون بمثابة النور الذي يبدد ظلمة الليل السرمدي الذي يعيش فيه. ومعنى ذلك أنه لم يعجز عن الإتيان بصورة موفقة لليل لأنه كفيف البصر. الليل لدى المعري ليل نفسي حافل بالهموم والآلام، وربما كانت النجوم المتلألئة فيه هي الأفكار التي تلمع في ذهن الشاعر في ليله الطويل. وربما أنسنه ليجد من يتجاوب معه رغبة منه في الخلاص من سطوة الزمن، فزمن الشاعر ليس زمناً فيزيائياً. إنه تجربة ممتدة حافلة بالمتناقضات والصعاب، والزمن لديه زمن نفسي انفعالي قاسٍ. يقول: ([35])
لا يبرح ليل المعري، فهو سرمدي في ذهن الشاعر وفي واقعه. هذا الليل الطويل يقضي على كل ما هو جميل في الحياة، وبذلك تبدو صورة الليل صورة إيحائية لثقافة الشاعر في التعامل مع قضاياه وقضايا مجتمعه. وهذا الليل المظلم ـ مع ذلك ـ إن بلغ الإنسان فيه ما تمناه يغدو نهاراً مضيئاً. وربما أراد القول: رب ظلام يعيشه الكفيف، ويحقق فيه من السعادة لنفسه ولمن حوله أزهى من النور الذي يعيشه المبصرون. أما موضوع الشيب فهو نسق دال على تحول الإنسان من مرحلة الحيوية إلى مرحلة عقدة السلب. فسرعان مايفرض الشيب حضوره السالب في الحياة. وللشيب دلالة زمنية، تبدو سلطته قاهرة للإنسان عندما تُمحى رموز الجمال من الحياة. وفي مجال الصراع النسقي بين الإنسان والزمان يتضاد الإنسان مع الزمن فإما أن يهرب إلى الماضي، وإما أن يثبت ويواجهه. أما في صراعه مع المكان والإنسان فيشحذ قدراته الثقافية ليواجه الحياة، ويحمل ثقافة الحاضر لا الماضي ليثبت لا ليغيب نفسه عن مشهد الحاضر ويتماهى مع الماضي، والمعري في شيبه يسعى إلى تحويل الحاضر إلى ماض جميل. يقول:([36])
لقد غاب الشباب، لكن المعري لا يبكيه إنما يحسن من صورة الشيب فتظهر رغبة الأنا في تأكيد فاعليتها. ويقع الشاعر ضحية ثقافتين متناقضتين: ثقافة الشباب/العمل، وثقافة الشيب/الأمل. 2 ـ النسق الضدي في شعر المعري على المستوى الفني: أ ـ الثنائيات الضدية: يوافق مصطلح الثنائيات الضدية في الشعر العربي القديم مايعرف بالتضاد أو الطباق. وقد عرّف أبو هلال العسكري الطباق بقوله: ( قد أجمع الناس أن المطابقة في الكلام هو الجمع بين الشيء وضده في جزء من أجزاء الرسالة أو الخطبة أو البيت من بيوت القصيدة مثل الجمع بين السواد والبياض ...)([37]) أما الجرجاني فيخاطب عقل المتلقي مدركاً أثر ماتتركه الثنائيات الضدية من أثر نفسي يشبه عمل السحر. ( وهل تشك في أنه يعمل عمل السحر في تأليف المتباينين حتى يختصر لك بعد ما بين المشرق والمغرب، ويجمع مابين المشئم والمعرق... ويريك التئام عين الأضداد، فيأتيك بالحياة والموت مجموعين، والماء والنار مجتمعين...)([38]) يؤدي التضاد إلى حالة من التوتر، ومساحة التوتر ـ كما يراه كمال أبو ديب ـ «تنشأ على المستوى التصويري في لغة الشعر بإتمام مفهومين أو أكثر أو تصويرين أو موقفين لامتجانسين أو متضادين في بنية واحدة يمثل فيها كلٌّ منهما مكوناً أساسياً، وتتحدد طبيعة التجربة الشعرية جوهرياً بطبيعة العلاقة التي تقوم بينهما ضمن هذه البنية)([39]). وبناءً على هذا الكلام يمكن أن نقول إن قانون التضاد يوجد شبكة من العلاقات التي تتنامى فيها الأنساق المتضادة في النص الشعري. يرى الغذامي([40]) أن ثمة نسقين متضادين متلازمين في النصوص الأدبية أحدهما نسق ظاهري والآخر نسق مضمر في بنية النص. ويمكن أن نضيف نسقاً آخر ناتجاً من تضاد النسقين بين المبدع والمتلقي يكوّن المبدع من خلاله رؤية شمولية للحياة . واجه المعري ثنائيات الحياة بإشكالياتها كلها، وحاول أن يصنع من خلال انفعاله بهذه الثنائيات رؤيا خاصة فقد تنقل بين الواقع والحلم، الحياة والموت، السلب والإيجاب، وصنع من الفجوة التي نشأت بين المكونين المتضادين علاقة جديدة جعلت إبداعه موسوماً بسمة الفردية. فله رؤية فردية تناول من خلالها ما أحاط به ليس من خلال علاقات المشابهة إنما من خلال علاقات التضاد. تتجلى ـ على سبيل المثال ـ في شعر المعري ثنائية الغنى/ الفقر. ويتبنى المجتمع ثقافة الغنى، أما الشاعر فيولد أنساقاً مضادة لثقافة المجتمع. يقول:([41])
إن له رؤية مختلفة عن رؤية مجتمعه في الفقر والغنى. فقد جعل المال مشتقاً من الميل؛ لأنه يميل بالإنسان عن الواجب إلى ما ليس بواجب، والدراهم سميت بذلك؛ لأنها تدرُّ الهم. وهذا جناس طريف التعليل إنه يرى الغنى الحقيقي في ثبات علاقة الإنسان بالإنسان، ويحاول أن يصحح بعض المفاهيم المجتمعية الخاطئة فيتضاد مع صوت مجتمعه. انعزل المعري عن كل شيء إلا عن الظلام، فقدس الروح، ولم يقم وزناً للجسد. يقول:([42])
الموت يؤكد قهر الإنسان فتتلاشى سلطة الإنسان أمام سلطة الموت، هذه السلطة التي تفني القوة الإنسانية، فالجسد يتحول من الإيجاب في الحياة إلى السلب في الموت، هذه الجدلية تؤرق الشاعر. وهاهو يصور الصراع الذي يعانيه من الدهر في صورة القتاد والفسيلة قائلاً:([43])
نحن في هذين البيتين أمام نسقين ضديين تمثلهما: صورة الإنسان المغلوب، وصورة الدهر الغالب ويدور الصراع بين الصورتين حول قضية محورية في ثقافة المعري هي الموت. فالدهر قتاد يجسد نسقياً ثقافة الغلبة والقهر، ويمتلك ميزة تجعل الذات تشعر بالاستصغار أمامه. يقف المعري أمام مشكلات عصره حائراً بين الأضداد فعلاقته مع السلطة علاقة تضاد، وعلاقته مع الحياة علاقة تضاد، وهو يقف أمام ضدين: ضدٍّ في الزمن الحاضر، وضد في الزمن الماضي. يقول:([44])
ويقول:([45])
في الأبيات مجموعة من الثنائيات تتسم بطابع مأساوي. فثمة جدلية حضور/غياب إذ يحضر النفي، ويغيب الإيجاب، يحضر الإنكار، وتغيب المعرفة، يحتجب المعري وتظهر النكراء. يستمد المعري هذه الثنائيات من خلال ثقافة التفاعل في مجتمعه، ويجد المتلقي أنه إزاء ثنائية تظهر بجلاء في شعر المعري هي ثنائية الاتصال/الانفصال تظهر من خلال جدلية الفساد/الإصلاح، ومن خلال علاقة المعري بالمرأة. فعلاقته بها علاقة انفصال. لكن هذا الانفصال عن العالم الأنثوي نجده يتحول إلى اتصال مع المرأة/الأم. اتصل بالعزلة لينفصل عن المجتمع، اتصل بصوت العقل لينفصل عن صوت اللذة، اتصل بالزهد لينفصل عن متع الحياة الزائفة، اتصل بالبصيرة، وانفصل عن البصر. فكرة الاتصال والانفصال هذه ناتجة من فكرة الموت والتشاؤم وغلبتها على تفكيره. والمعري في حالات اتصاله وانفصاله يتضاد مع النسق الجماعي، أو مع صوت مجتمعه. لقد جمّل القبيح، فحسّن العمى ليواسي نفسه في محاولة منه لتمجيد البصيرة وإضعاف البصر قائلاً: ([46])
أما الألوان فتؤدي دوراً وظيفياً فاعلاً للكشف عن الأنساق الثقافية المضمرة، وخلق صورة فنية تفصح عن رؤيتها. ينقد من خلاله الموقف الثقافي الجمعي. هذه الرؤية المضادة للنسق الجمعي أشعرته بالعزلة والغربة الذاتية، فشكل نسقاً فردياً تعامل مع النسق المضاد وفق معطياته الثقافية. ويتجلى تضاد الألوان بشكل قوي في تضاد الأبيض/الأسود لدى المعري. يقول:([47])
تضاد الألوان في شعر المعري ظلال تخفي وراءها مفاهيم شتى. فقد خلق من تنافر الأبيض والأسود وحدة، ومن التضاد كلاً. إن مساحة الأسود في الصورة تقابل بوشي من البياض بغية إحداث لون من التنافر والتناغم في الصورة. فالليل الذي يشبه الخيل المقَفَّز يزيد الإحساس بالأجزاء المظلمة من الصورة. يمثل الأبيض والأسود حقيقة نفس الشاعر، ويحملان الدلالة النفسية أكثر من كونهما تقليداً، أو تحدياً ورغبة في الإبداع ولاسيما حينما يكونان متقابلين. لقد جمع المعري بين الأضداد على نحو جمالي من خلال الصراع القائم في نفسه. يقول:([48])
إن فناء الأماني البيض، وبقاء الظلام سرمدياً، وعسعسة الليل البهيم التي تشبه تنفس الصبح، وإتباع ذلك بصورة العروس الزنجية هذه الصور كلها أعطت تناسقاً سببه اتحاد الأضداد. إن الإيحاء الذي يتركه فناء الأماني البيض، وبقاء الظلام السرمدي يحرك النفوس لتتأمل مع الشاعر، وترقب ذلك الفناء الذي أصاب أحلامه وراؤه. لقد فني كل شيء حوله وهو يتحسر ويتألم مع قتام العمى. إن الموت عنده هو الإكسير الذي يطّهر ويشفي. إنه يشعر أنه ميت فالحياة موت يسعى إليه. وهو بذلك يكشف عن نسق مضاد يخترق النسق الجمعي كي يكشفه، ويصحح مفاهيمه. فمفهوم الأبيض والأسود لديه يتحققان في الزهد والعزلة، ويتعارضان مع ما هو موجود لدى النسق الجمعي. ب ـ الصورة التنافرية : يمكن أن نطلق على الصورة التي تجمع بين متنافرات تربط الكلمات المتضادة والمعاني الضدية اسم صورة تنافرية بغية إحداث تأثيرات خاصة لدى المتلقي. وتعتمد هذه الصورة على وجود تنافر بين طرفيها([49]). ونجد أمثلة متعددة للصورة التنافرية في شعر أبي العلاء المعري. يقول:([50])
يدعو المعري إلى اتباع العقل، ومخالفة المجتمع فيوجد تضاداً بين نسق الأنا ونسق المجتمع. وقد استعار صفة الصدأ للأفهام، وتعدُّ الاستعارة خرقاً لعرف لغوي لدى المتلقي. إن مثل هذه الصورة قادر على إحداث عنصر المفاجأة، وأداء وظيفة تشويقية من خلال اللعب بالخيال. يرى كوهين أن (قوة المنافرة تتناسب مع المسافة الفاصلة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي)([51]). ويمكن أن نقول: إن الصورة التنافرية تشكل انزياحاً على مستوى اللغة، تهدف إلى الكشف عن إمكانات اللغة البشرية. وربما لامس الجرجاني معنى الصورة التنافرية في حديثه عن التعبير عن نقص الصفة باسم ضدها قائلاً: ( وسواء عبرت عن نقص الصفة بوجود ضدها، أو وصفها بمجرد العدم وذلك أن في إثبات أحد الضدين وصفاً للشيء، نفياً للضد الآخر، لاستحالة أن يوجدا معاً فيه، فيكون الشخص حياً ميتاً معاً، أصمّ سميعاً في حالة واحدة. فقولك في الجاهل: «هو ميت»، بمنزلة قولك ليس بحي وأن الوجود في حياته بمنزلة العدم»([52]). من أمثلة الصور التنافرية في شعر المعري قوله: ([53])
لازمته عقدة العمى في شعره فإذا بالظلام يشتعل ناراً، وفي الليل إشارة إلى عالمه النفسي الداخلي، ففيه يشعر بغربة نفسية، ويحاول أن ينقذ نفسه من سجنها. الزمن في شعره يأخذ منحى الثبات، وهو يريد محاربة هذا الثبات. إن الظلام الموجود في حياته يعادله ظلام موجود في مجتمعه. فصورة الظلام التي يعيشها لا يمكن أن تتبدد إلا بصورة ظلام وعماء في المجتمع، والنور المفقود لا يستعاد إلا بتغييب ما يزعجه. وبناء على ذلك نستطيع أن نقول: إن للرؤية والرؤية المضادة دلالة نفسية عميقة. كما أن الانحراف في اللغة يوضح قصد الشاعر في تأسيس نسقه الخاص عن طريق التنافر في السياق النسقي العام. يقول المعري أيضاً:([54])
إن في بكاء الحمامة وغنائها تشاؤماً يمتزج بالسرور، وتختلط الحدود بينهما. ومن خلال أنسنة الحمامة تظهر المعاني العميقة المستترة خلف الصورة التنافرية، وتأخذ شكلاً يمتد على النص بأكمله. إنه يزاوج بين الموت والحياة، ويجعل من الحياة موتاً، فالميت ميت الأحياء لديه. ومن الصور التنافرية لديه تصويره خوفَ الليل من قول الناس ومن تعييرهم فرارَه فعاد مسرعاً. يقول:([55])
لقد أضاف للصورة روحاً جديدة حين أنسن الليل، وخلع عليه المشاعر رغبة منه في إنطاقه من خلال صورة تنافرية. ج ـ المفارقة اللغوية: يهدف الشاعر من خلال هذه المفارقة إلى خلق عوالم متضادة يقدم من خلالها رؤيته للوجود بثقافة جديدة مغايرة. وللمفارقة علاقة وثيقة بالأضداد التي تشكلها الحيل البلاغية التي يستخدمها الشاعر عن معنى يتضاد مع معنى آخر، وبمعنى آخر تنحرف الشيفرات الثقافية عن المباشرة في المفارقة اللغوية . يصنع الشاعر المفارقة، ويقف عاجزاً أمامها. فا(المفارقة تقوم على إدراك حقيقة أن العالم في جوهره ينطوي على التضاد، وأن ليس غير موقف النقيضين ما يقوى على إدراك كليته المتضاربة)([56]). وتعني المفارقة فيما تعنيه الوعي الشديد بالتناقض داخل الذات الشعرية. وفيها دليل على انتصار سلطة صانع المفارقة، تظهر التناقض بين نسقين: النسق الثقافي الصانع للمفارقة، والآخر يحمل رؤية معينة تتصادم بشكل حاد مع ثقافة الآخر، فيعرض سلبياته، ويسعى إلى معاينة سلبيات الحياة من خلال التضاد. فأساسها يتجلى في المتناقضات. وقد وجدنا أثراً لهذه المفارقة في صورة الحياة والموت لدى المعري. فقد اتسمت نفسيته بالقلق والتساؤل الفلسفي تجاه موضوعات الحياة، فصور المفارقة بين ثيمتين متعارضتين: الحياة/الموت أو الزهد/المجد. يقول:([57])
تتصارع هواجس المجد في أعماقه مع ما يظهره من زهد. فهو يعتد بتاج العلم والتقى؛ لأنه سلطان في هذه الحياة، يعتد بعلمه تعويضاً عن نقص، وكلما عارضه أمر أيقظ فيه عقدته، فأظهر عكسها أو دافع عنها. وهو هنا يُظهر نسقاً استعلائياً يتضاد مع نسق الآخر ويستعلي عليه. إن الرائي هو أبو العلاء نفسه، وقد أظهر له المنام ما أخفاه العقل الباطن من نوازع الكبرياء، ولما فاته التاج فاضل في اليقظة بين تاج المُلكِ وتاج الزهد، ولعل هدير حرف السين المكسور في القافية يشعر بحالة التوتر النفسي التي يعيشها الشاعر. يشكل الزهد في ثقافة المعري أداة ناجعة لمواجهة حقائق شغلت فكر الإنسان وتشغله، وبما أن الموت محتم، والشاعر يرى الناس منغمسين في متاع الحياة يصطنع لنفسه ثقافة خاصة من خلال مفارقة استعلائية، ويحاول أن يجعل النسق الفردي ينتصر على النسق الجمعي فيرسم أنا مفارقة في شخصيتها وفكرها وسلوكها لأي إنسان آخر. وقد سعى المعري إلى هذه المفارقة في شعره وفي حياته. فقد أوصى أن يكتب على قبره:
لقد فارق النسق الجمعي حقاً، فهو لم يجن على أحد في الحياة من حيث النسل والزواج، وكذلك لم يجن على أحد من حيث حاجاته الحياتية. فقد كان شديد الزهد. ولعل هذه المفارقة على سبيل المستوى الحياتي والشعري هي التي جعلته يهاجم فكرة الزواج في شعره قائلاً:([58])
كل ما في الحياة يتحول إلى ضده في مجال المفارقة: الزمن الموجب يتحول إلى سالب، الليل الجميل يتحول إلى ليل كئيب، ومن ثم يضحي الشاعر ضحية لمفارقات الحياة فيتنامى توتره وانفعاله كلما أدرك الحياة بعمق. من المفارقات الطريفة قول أبي العلاء:([59])
يفارق الشاعر النسق الجمعي في التلذذ بعذاب الدنيا، حتى إن لهذا العذاب طعماً يشبه طعم العسل. وذلك كله في إطار مفارقة النسق الجمعي مقابل إظهار نسق الأنا وتفردها. ـ نتائج: ـ هدف البحث إلى تأكيد القيمة الوظيفية التي تؤديها الأنساق الضدية في بنية نص المعري إنها بنية متحركة قادرة على التشكل، وضع التحولات ما يجعل أنساقها المضمرة ذات صفة دينامية وأبعاد دلالية. ـ النسق المضمر في نص المعري لا يتخذ دلالة أحادية المعنى، لكنه يبدو حاملاً لأنساق دلالية متعددة ما يجعل النص الشعري سيرورة نفسية واجتماعية وثقافية. ـ ثمة وظيفة نفعية للبلاغي والجمالي في النصوص الشعرية. فالقيمة الجمالية أساس تحقيق شعرية الشعر. ـ يشكل الزمان والمكان صيغاً نسقية تعكس موقف المعري من مضامينها وقضاياها، لذا يسهم بدوره في إثارة أنساق الزمان والمكان، ومن ثم إشكاليات الوجود لا لمجرد الإثارة والرصد فحسب وإنما ليأخذ من عالم الإثارة وسيلة لإثبات مركزية الإنسان الإيجابي في خلق التجربة فيتمكن من التصدي لما يتضاد مع أفقه أو يهدد كيانه. ـ الأنساق الثقافية الإيجابية والسلبية والجمالية والقبحية والمتجاوبة والمتصادمة على تواليها وتناميها في النص تشكل وظيفة جمالية لدى الشاعر في نقد الآخر بأنماطه وأنساقه. ـ إن دراسة الأنساق المتضادة في النص تضع أمام المتلقي فكرة النسق المتعدد. فالنص الشعري يمثل ظاهرة متسمة بالحركية والانفتاح. وهذا ما يعطي النص الشعري خصوصية التعدد القرائي، وميزة التأويل الثقافي. ـ ثمة محمولات ثقافية للنسق في قصيدة المعري من خلال شعرية الضد. وقد استحضر المعري عالم الأضداد التي رصدها في مجتمعه لكي يعيد تشكيلها بفعل طاقة اللغة، ولكي يولد منها أنساقاً متحولة قادرة على استيعاب تصوراته حول إشكاليات الكون والوجود. ـ للثنائيات الضدية فاعلية في بناء النص الشعري من خلال توالد الأنساق وتناميها. وقد استطاع المعري تقديم رؤية للموضوعات التي واجهها في حياته من خلال استثارة جدليات متعددة تندرج في إطار جدلية كبرى هي جدلية الحياة والموت. ـ أما المفارقات الشعرية فقد ظهرت من خلالها صورة الشاعر الذي أصبح أسيراً لأنساق المجتمع الثقافية وأحداث الزمن السالبة ومحاولة إظهار نسق مضاد للنسق الجمعي. فكانت تجربة المعري الشعرية تجربة ثقافية يبدو الشاعر فيها صانعاً للأنساق. ـ الصورة التنافرية تجعل من المتنافر تماثلاً دالاً على وعي الشاعر الثقافي تجاه موضوعات الحياة التي يقدمها. فيصور عالمه توافقاً وتضاداً عبر نظام نسقي خاص يجعل هذه الأنساق تشغل وظائف جمالية لا حصر لها تحفز المتلقي على تأويلها. ـ استحضر المعري الأضداد، وأعاد تشكيلها بفعل اللغة فولّد منها أنساقاً متحركة قادرة على استيعاب تصوراته حول إشكاليات الكون والوجود، فقدم في شعره صوراً مختلفة للصراع: صراعه مع المجتمع، صراعه مع الدهر... بوصفها أنساقاً ثقافية قدم من خلالها تساؤلات حول جدلية الحياة والموت، وسعى إلى تأكيد دور الإنسان في ترسيخ قيم القبيح والجميل في الحياة. ـ اتخذ المعري نسقاً ضدياً من النسق الجمعي ليعيد تشكيله وفق رؤيته الخاصة. ـ مفهوم الرفض في فكر المعري هو القيمة الكبرى لصنع العالم تستطيع فيه الذات أن تخلق سلطتها المضادة. المراجع 1ـ أسرار البلاغة: عبد القاهر الجرجاني ـ قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر ـ القاهرة ـ مطبعة المدني ـ ط1 ـ 1991. 2ـ بنية اللغة الشعرية: جان كوهين ـ ترجمة محمد الولي ومحمد العمري ـ المغرب ـ الدار البيضاء ـ دار توبقال للنشر ـ ط2 ـ 1990. 3ـ تجديد ذكرى أبي العلاء: د.طه حسين ـ مصر ـ دار المعارف ـ ط8 ـ 1951. 4ـ التلقي والسياقات الثقافية (بحث في تأويل الظاهرة الأدبية): عبد الله إبراهيم ـ كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامة الصحفية ـ العدد93 ـ 2001. 5ـ جدلية الزمن: غاستون باشلار ـ ترجمة خليل أحمد خليل ـ بيروت ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ ط1 ـ 1982. 6ـ جماليات المكان: غاستون باشلار ـ ترجمة غالب هلسا ـ بيروت ـ وزارة الثقافة والإعلام ـ بغداد ـ د.ت. 7ـ رسالة الغفران: أبو العلاء المعري ـ تحقيق وشرح عائشة عبد الرحمن ـ مصر ـ دار المعارف ـ ط4 ـ د.ت. 8ـ شروح سقط الزند: أبو العلاء المعري ـ مصر ـ القاهرة ـ الدار القومية للطباعة والنشر ـ 1945. 9ـ العزلة والمجتمع: نيقولاي برديائف ـ ترجمة فؤاد كامل ـ لبنان ـ طرابلس ـ المنشورات الجامعية ـ 1985. 10ـ في الشعرية: كمال أبو ديب ـ لبنان ـ بيروت ـ مؤسسة الأبحاث العربية ـ ط1 ـ 1987. 11ـ كتاب الصناعتين: أبو هلال العسكري ـ تحقيق مفيد قميحة ـ بيروت ـ دار الكتب العلمية ـ ط1 ـ 1981. 12ـ مع أبي العلاء في سجنه: د.طه حسين ـ القاهرة ـ دار المعارف ـ د.ت. 13ـ اللزوميات: أبو العلاء المعري ـ مصر ـ دار المعارف ـ د.ت. 14ـ موسوعة المصطلح النقدي: د.سي ميويك ـ ترجمة عبد الواحد لؤلؤة ـ بغداد ـ دار الرشيد للنشر ـ د. ت. 15ـ موسوعة المصطلح النقدي: عبد الواحد لؤلؤة ـ بغداد ـ دار الرشيد ـ ط2 ـ 1982. النقد الثقافي: عبد الله الغذامي ـ الدار البيضاء ـ بيروت ـ ط2 ـ 2001. (2) شروح سقط الزند : 1،8/1211و1220. مغاني: جمع مغنى، وهو المسكن. اللوى: منقطع الرمل. محلال: يحلّ به كثيراً. (1) ينظر على سبيل المثال شروح السقط: 240، 249، 45، 657، 838، 839. اللزوميات: 1/375، 1/119، 2/130-131 . (3) نفسه: 1/180. المري: الجري، حلاب: فرس لبني تغلب، القتاد: الشوك، وهو شجيرة صغيرة في اليمن ترتفع قدر ذراع. |